الامتناعان معا ، لحصل التأثيران معا ، وذلك يوجب الجمع بين النقيضين ، أو يقع مراد أحدهما دون الثاني ، وذلك : محال. وذلك لأن الحركة الواحدة ، والسكون الواحد : لا يقبل التجزئة في العقل. وإذا كان ذلك كذلك ، كانت القدرة عليه (١) قابلة للقوة والضعف. وإذا كان كذلك ، كانت قوة كل واحد منهما في هذا الأثر الواحد ، معادلة لقوة الآخر. فإذا امتنع الفعل على أحدهما ، وتيسر للثاني ، مع أننا بينا حصول الاستواء في القوة : لزم الرجحان لا لمرجح [وهو محال (٢)].
الحجة العاشرة : لو أراد الله تعالى الإيمان من العبد ، ثم إن العبد أراد الكفر ، فإن وقع مراده ، ولم يقع مراد الله تعالى لزم كون العبد أكمل في القدرة من الله تعالى وذلك محال.
الحجة الحادية عشر : لو أراد الله الإيمان من العبد ، مع أنه علم منه أنه لا يؤمن ، لكان قد أراد منه الجمع بين الضدين ، وهذه الإرادة ممتنعة الحصول ، فوجب أن يكون القول بأن الله تعالى أراد الإيمان ، ممن علم أنه يكفر : محالا.
الحجة الثانية عشر : لو كان فعل العبد واقعا بإيجاده ، لوقع عين ما أراده العبد. وكل واحد لا يريد إلا الحق والصدق والصواب. فوجب أن يحصل الصدق والحق والصواب لكل أحد ، وحيث لم يكن الأمر كذلك ، بل الأكثرون في الجهل والضلال. علمنا : أن الكل بقضاء الله تعالى وقدره. وذلك يوجب القول بالجبر.
واعلم أن هذه الوجوه التسعة (٣) [هي دلائل المتكلمين من أهل الجبر (٤)].
__________________
(١) غير قابلة (ت ، ط).
(٢) من (ط).
(٣) السبعة (ل) ، (طا).
(٤) من (ل) ، (طا).