أولا ، مع أن التجويز القطعي قائم بكونه مغايرا لذلك الأول. وبيانه : أن الحادث إما أن لا يفتقر إلى المؤثر أو يفتقر إليه ، والقسم الثاني (١) فمؤثر العالم إما أن يكون موجبا أو مختارا. وظاهر أنه ليس وراء هذه الأقسام الثلاثة قسم البتة.
أما القسم الأول : وهو أن يقال : لا مؤثر لهذه الحوادث. فعلى هذا التقدير يكون الوجود بعد العدم ، والعدم بعد الوجود : حاصلا بمحض الاتفاق من غير سبب أصلا. وإذا جاز ذلك ، جاز أيضا أن يقال : [اتفق أن ذلك الشخص (٢)] الأول قد عدم في تلك اللحظة اللطيفة ، وحصل الشخص الثاني على سبيل الاتفاق. لأن القول بالاتفاق ، لما كان واقعا في بعض الصور ، كان احتماله قائما في كل الصور.
وأما القسم الثاني : وهو أن يقال : مؤثر العالم موجب بالذات ، فذلك الاحتمال أيضا ، قائم ، لأن فيضان الآثار الحادثة عن ذلك المبدأ القديم ، لا بدّ وأن يكون موقوفا على حصول شكل فلكي خاص. وإذا ثبت هذا فنقول : لم لا يجوز أن يقال : إنه حصل شكل فلكي عجيب غريب ، اقتضى فناء ذلك الشخص الأول في تلك اللحظة اللطيفة ، وحصل شيء آخر يماثله دفعة؟
وأما القسم الثالث : وهو أن يقال : مؤثر العالم فاعل مختار. فعلى هذا التقدير : القول بأنه أفنى الشخص الأول في تلك اللحظة اللطيفة ، وأوجد شخصا آخر يماثله من كل الوجوه : محتمل. فثبت بهذا البرهان القاطع : أن تجويز هذا المعنى قائم على جميع التقديرات. ثم إنا مع علمنا بهذا التجويز ، نعلم بالضرورة أن هذا الشخص الذي [أراه في هذه اللحظة هو عين الشخص الذي (٣)] رأيته قبل ذلك بلحظة أو بيوم أو بشهر.
واعلم أنك إذا عرفت حقيقة الحال في هذا المثال ، أمكنك معرفة أمثلة
__________________
(١) الأول (ت ، ط).
(٢) من (ل) ، (طا).
(٣) سقط (ت).