يدل على كذا في خطاباته ويقال : ان الأصل مثلا عند عدم الدليل كذا عندهم. والشارع بنى عليه فهو كذا عنده ، ومن هنا يظهر أيضا ان المقدمة العقلية المحضة وبعبارة أخرى البرهان غير مستعمل في المباحث الأصولية في الحقيقة إذ العقلاء لا يبنون في القضايا الاعتبارية المتداولة عندهم الا على أصول بناءاتهم من ضرورة الحاجة أو اللغو ، واما القضايا الأولية ، وما يتفرع عليها من النظرية فلا تنتج طلبا ولا هربا ، ولا وضعا ، ولا رفعا ، ولا ما ينتهى إلى ذلك بل تصديقا بنسب حقيقية نفس أمرية فافهم.
ذلك مضافا إلى ما تحقق في محله : ان القضايا الاعتبارية ، من حيث هي اعتبارية لا يقام عليها برهان وقد مرت الإشارة إليه ومن هنا يظهر أيضا ان أحسن التعاريف تعريفه بأنه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الأحكام الشرعية ، التعريف بناء على تعميم الحكم الظاهري والواقعي والوضعي والتكليفي وكون الحق حكما بوجه كما هو الحق.
قوله وان كان الأولى تعريفه بأنه صناعة :
وجه الأولوية ما ذكره بعد بقوله : بناء على ان إلخ بزعم عدم شمول التعريف الأول لذلك وقد عرفت ما فيه ، ويرد على تعريفه أيضا انه تعريف بالغرض وهما غرضان اثنان ولازمه كون علم الأصول فنين اثنين ، وهما فن مباحث الألفاظ ، وفن الأصول العملية ، بناء على ما التزم به من دوران الوحدة والتعدد مدار الغرض (فان قيل :) ان بين الغرضين جامعا وهو الوصول إلى الأحكام أعم من الظاهرية ، والواقعية فيتحد الفن باتحاد الغرض ، (قلنا :) على انه عدول إلى التعريف الأول