اختلاف جهتي البحث فله جهة اعتبارية جدلية وجهة حقيقية برهانية والجهتان جميعا خارجتان عن صناعة الأصول بل أول البحثين كلامي والثاني حكمي.
وكيف كان فلا ريب في اشتمال الشريعة على بعض أحكام ظاهرها رفع اليد عنها بوضع ما ينافيها وربما لزم رفع اليد عن ظاهرها حيث ان الحكم المنسوخ اما مشتمل على المصلحة فنسخه ثانيا غير جائز واما غير مشتمل عليها فالتكليف بها ابتداء غير جائز نعم الحكم ربما يخفى ملاكه التام ثم يظهر على الحاكم فيرفع اليد عن تكليفه بعد وضعه ومثله ممتنع في حقه تعالى والجواب انه كما يجوز ان يتحقق مصالح دائمية تقتضي أحكاما دائمية كذلك يجوز ان يتحقق مصالح غير دائمية الوجود توجب أحكاما مؤجلة غير دائمية ثم من الجائز ان يتحقق معها مصالح آخر توجب إظهار الحكم الغير الدائمي في صورة الدوام وتسمية ذلك بالنسخ لمشابهته إياه في الصورة وان لم يكن منه بحسب الحقيقة.
ونظير الكلام جار في مسألة البداء وذلك لتعين الحوادث في مرتبة وجود مقتضياتها وان كان تحققها العيني متوقفا مع ذلك على وجود شرائط أو ارتفاع موانع فتلك الحوادث بالنظر إلى مقتضياتها مقتضية الوجود مقدرتها وبوجود الموانع أو فقدان الشرائط يظهر في الخارج خلاف ما كان يظهر في مرتبة المقتضيات ويبدو ما ينافى ذلك وهو