وحينئذ : فمن الجائز أن يكون اقترن ببعض تلك الظواهر ما يدلّهم على إرادة خلافها ، وقد وقع ذلك في مواضع علمناها بالاجماع ونحوه ، فيحتمل الاعتماد في تعريفنا لسائرها على الأمارات المفيدة للظنّ القويّ ، وخبر الواحد من جملتها ، ومع قيام هذا الاحتمال
______________________________________________________
(وحينئذ) أي : اذا كان ظواهر القرآن حجة بالنسبة الى المشافهين ، والذين هم في زمان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، دون الغائبين يكون القرآن الحكيم دليلا لهم فقط لا لنا ، (ف) انه (من الجائز ان يكون اقترن ببعض تلك الظواهر) من القرآن الحكيم (ما) أي : قرينة حالية أو مقالية(يدلّهم) أي : يدل المشافهين والحاضرين في زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم (على ارادة خلافها) أي خلاف تلك الظواهر ، وقد اختفت تلك القرينة علينا ، (وقد وقع ذلك) أي : الاقتران ببعض ما يدل المشافهين على ارادة خلاف الظواهر(في مواضع) من الآيات (علمناها بالاجماع ونحوه) مثل ارادة الرجعيات في قوله سبحانه وتعالى : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ...)(١) ، حيث انّ الآية مطلقة ، لكن الاجماع ، ونحوه ، قام على ارادة الرجعيات فقط ، فلا تشمل الآية البائنات.
وعليه : (فيحتمل الاعتماد) من الشارع (في تعريفنا لسائرها) ، أي معرفتنا لسائر خلاف الظواهر في الآيات ، التي أريد خلاف ظواهرها ـ حيث لم يكن اجماع ، أو ضرورة ، على تلك الارادة ـ ان يكون الشارع قد اعتمد فيها(على الأمارات المفيدة للظنّ القوي) دون الظّنون العرفيّة ، بل الظّنون المعتبرة عند العقلاء(وخبر الواحد من جملتها) أي : من جملة تلك الأمارات المفيدة للظن القوي ، (ومع قيام هذا الاحتمال) من : ارادة الشارع خلاف الظاهر ، واختفاء القرينة
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ٢٢٨.