وإن أريد الاتيان بقصد الوجوب المنافي لعدم الوجوب ، ففيه : إنّ الاتيان على هذا الوجه مخالف للاحتياط ، فإنّ الاحتياط هو الاتيان لاحتمال الوجوب ، لا بقصده.
وقد يجاب أيضا : بأنّ ذلك فرع وجوب التّرجيح ، بمعنى أنّ الأمر إذا دار بين ترجيح المرجوح الرّاجح ، كان الأوّل قبيحا.
وأمّا إذا لم يثبت وجوب التّرجيح ، فلا يرجح المرجوح ولا الرّاجح.
______________________________________________________
معنى عدم الوجوب : جواز الاتيان ، لا إنّ معناه : عدم جواز الاتيان ، حتّى ينافي الوهم بالوجوب.
(وإن أريد) أي : أراد المستدلّ بهذا الدّليل (: الاتيان بقصد الوجوب المنافي لعدم الوجوب) الّذي هو مظنون (ففيه : إنّ الاتيان على هذا الوجه) أي : بقصد الوجوب (مخالف للاحتياط ، فإنّ الاحتياط هو : الاتيان لاحتمال الوجوب ، لا بقصده) أي : لا بقصد الوجوب.
(وقد يجاب أيضا) أي : عن إشكاله : إنّه لو لم نأخذ بالظّنّ لزم الأخذ بالوهم والأخذ بالوهم في مقابل الأخذ بالظّنّ ترجيح للمرجوح على الرّاجح ، وترجيح المرجوح على الرّاجح قبيح (: بأنّ ذلك فرع وجوب التّرجيح) أي : إنّه فيما إذا دار الأمر بين الظّنّ والوهم ، قلنا : بلزوم تقديم الظّنّ على الوهم (بمعنى : إنّ الأمر إذا دار بين ترجيح المرجوح وترجيح الرّاجح ، كان الأوّل قبيحا) عند العقلاء.
(وأمّا إذا لم يثبت وجوب التّرجيح ، فلا يرجّح المرجوح ولا الرّاجح) وإنّما يعمل بمقتضى الأصول ـ فيما إذا لم يكن هناك علم ـ سواء طابق الرّاجح أو المرجوح ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنّا إذا علمنا بالأحكام علمنا بعلمنا ، وإذا لم نعلم بالأحكام أخذنا بمقتضى الاصول الأربعة : من البراءة ، والاحتياط ،