وفيه : إنّ التّوقّف عن ترجيح الراجح أيضا قبيح ، كترجيح المرجوح ، فتأمّل جدا.
______________________________________________________
والتّخيير ، والاستصحاب ، فلا يلزم ترجيح المرجوح على الرّاجح ، وحتّى إذا طابق الاستصحاب ـ مثلا ـ الوهم ، لم يكن من ترجيح المرجوح على الرّاجح ـ الّذي هو الظّنّ ، بل هو من تحكيم الاستصحاب الّذي هو دليل في المقام.
هذا حسب ما فهمناه من قول المجيب ، الّذي ذكره المصنّف بقوله : «وقد يجاب أيضا» الخ. لكنّ المصنّف فهم من قد يجاب أمرا آخر ـ وهو : إنّ المجيب يريد أنّ يقول : قد يرجّح الانسان المرجوح على الراجح ، وقد يرجّح الرّاجح على المرجوح ، وقد يتوقّف في إنّه هل يجب ترجيح الرّاجح أو لا يجب؟ فأشكل عليه بقوله : (وفيه : إنّ التّوقف عن ترجيح الرّاجح أيضا قبيح ، كترجيح المرجوح) فكما إنّ الانسان يقبح عليه أنّ يرجح المرجوح على الرّاجح ، كذلك يقبح عليه أن يتوقّف ، فلا يدري : هل يلزم ترجيح الرّاجح ، أو لا يلزم ترجيح الرّاجح ، بأن يرى التّساوي في إنّه أيّهما رجح ، فلا بأس عليه؟.
(فتأمّل جدا) قال المصنّف في الحاشية وجه التأمّل : إنّ مراد المستدلّ من الرّاجح والمرجوح ما هو الأقرب إلى الغرض والأبعد عنه في النّظر ، ولا شكّ في وجوب التّرجيح بمعنى : العمل بالأقرب وقبح تركه مطلقا ، فلا فرض لعدم وجوب التّرجيح يرد به هذا الدّليل ، فلا فائدة في الردّ.
انتهى كلام المصنّف رحمهالله في حاشية الكتاب في وجه التأمّل ، وهو أعلم بمراده ، ولو لم يبيّن وجه التأمّل في الحاشية ، كان الأولى أنّ نقول : إنّ تأمّله فيما استفاده من كلام المجيب ، وإنّه أمر بالتّأمّل لاحتمال أن يكون كلام المجيب هو ما ذكرناه في الشّرح ، لا ما ذكره المصنّف ، ممّا يظهر من إيراده عليه.