فالأولى : الجواب ، أولا ، بالنّقص بكثير من الظنون المحرّمة العمل بالإجماع أو الضّرورة.
وثانيا بالحلّ : وتوضيحه : تسليم القبح إذا كان التّكليف وغرض الشّارع متعلّقا بالواقع ولم يمكن الاحتياط ، فإنّ العقل قاطع بأنّ الغرض إذا تعلّق بالذّهاب إلى بغداد وتردّد الأمر بين طريقين ، أحدهما مظنون الايصال ، والآخر موهومه ، فترجيح الموهم قبيح ،
______________________________________________________
وحيث قد عرفت الاشكال فيما أجابوا به عن ثاني الأدلّة الأربعة القائل : «إنّه لو لم يؤخذ بالظّنّ ، لزم ترجيح المرجوح على الرّاجح وهو قبيح» أجاب المصنّف عنه بقوله : (فالأولى الجواب ، أولا : بالنّقض بكثير من الظنون المحرّمة العمل ، بالإجماع أو الضّرورة) كالظّنّ القياسي ، والظّنّ الحاصل من خبر الفاسق أو الكافر ، والظّنّ الحاصل من الأسباب غير العاديّة : كالجفر والرّمل ، وما أشبه ، والظّنّ الحاصل من مناسبات خارجية : كالاستحسان ، والمصالح المرسلة ، وطيران الغراب ، وجريان الميزاب ، فلو لزم الأخذ بالظّنّ في مقابل الوهم ، لزم الأخذ بهذه الظنون أيضا ، والحال إنّه لا يؤخذ بهذه الظّنون ، فلا دليل على الأخذ بالظّنّ في مقابل الوهم في الأحكام الشّرعيّة.
(وثانيا : بالحلّ ، وتوضيحه : تسليم القبح إذا كان التّكليف وغرض الشّارع متعلّقا بالواقع) بما هو واقع (ولم يمكن الاحتياط) فإنّه في هذه الصّورة يكون ترجيح غير الظّنّ على الظّنّ قبيحا (فإنّ العقل قاطع : بأنّ الغرض إذا تعلّق بالذّهاب إلى بغداد وتردّد الأمر بين طريقين : أحدهما : مظنون الايصال ، والآخر :
موهومه ، فترجيح الموهوم) على المظنون (قبيح) كما أنّ التّوقّف عن التّرجيح مع وجوب الذّهاب قبيح أيضا.