وهذا الوجه مبنيّ على أنّ مطلق المخالفة القطعيّة غير جائز ، وأصل البراءة في مقابلها غير جار ما لم يصل المعلوم الاجماليّ إلى حدّ الشبهة الغير المحصورة ، وقد ثبت في مسألة البراءة أنّ مجراها الشكّ في أصل التكليف ، لا الشكّ في تعيينه مع القطع بثبوت أصله ، كما في ما نحن فيه.
______________________________________________________
(وهذا الوجه) الثالث : (مبني على انّ مطلق المخالفة القطعيّة غير جائز) وان لم يستلزم الخروج عن الدّين (وأصل البراءة في مقابلها) أي : في مقابل الاطراف الّتي يعلم علما إجماليا بينها (غير جار ما لم يصل المعلوم الاجمالي إلى حدّ الشّبهة غير المحصورة) أمّا اذا وصل إلى حدّ الشبهة غير المحصورة ، فانّه يجوز ارتكاب بعض الاطراف أو كل الاطراف على الخلاف الّذي يأتي فيما نذكره من مباحث العلم الاجمالي (وقد ثبت في مسألة البراءة إنّ مجراها) أي مجرى البراءة (الشكّ في أصل التكليف) كما إذا لم يعلم الانسان إنّ شيئا واجب عليه أو لا ، أو إنّ شيئا حرام عليه أو لا؟ (لا الشك في تعيينه مع القطع بثبوت أصله ، كما فيما نحن فيه). حيث يعلم بأنّه تجب عليه صلاة في يوم الجمعة ، لكنّه يشكّ في انّ الصلاة الواجبة هل هي صلاة الجمعة أو الظهر؟ أو يعلم بأن شيئا محرّما بين هذين الحيوانين ، لكن لا يعلم هل هو هذا الحيوان أو ذاك الحيوان؟ فانّه يجب عليه أن يحتاط في الأوّل بفعلهما ، وفي الثاني بتركهما.
وكذلك إذا شك بين حرام وواجب ، كما إذا علم إنّه إمّا يجب عليه الدّعاء عند رؤية الهلال ، أو يحرم عليه شرب التتن ، فانّه يجب عليه امتثال التكليف الواقعي بينهما بفعل الأول وترك الثاني.
ومن الواضح : إنّ ما نحن فيه حيث نعلم بوجوب واجبات كثيرة ومحرّمات كثيرة بين الامور المشتبهة ، يلزم علينا الاتيان بكل محتمل الوجوب ، والترك لكل