وفيه : انّ حكم العقل بقبح المؤاخذة من دون البيان ، حكم قطعيّ ، لا اختصاص له بحال دون حال.
فلا وجه لتخصيصه بما قبل ورود الشرع ، ولم يقع فيه خلاف بين العقلاء ، وإنّما ذهب من ذهب إلى وجوب الاحتياط لزعم نصب الشارع البيان على وجوب الاحتياط ، من الآيات والأخبار التي ذكروها.
______________________________________________________
هذا (وفيه) إنّ ما ذكره : من الترديد بين كون حكم العقل بقبح المؤاخذة من دون البيان ، قطعي أو ظني غير تام ، وذلك (إنّ حكم العقل بقبح المؤاخذة من دون البيان ، حكم قطعي ، لا اختصاص له بحال دون حال) سواء كان في حال الشرع ، أو في حال عدم الشرع ، فانّ العقلاء متفقون بما حكم به عقلهم : من إنّه لا يمكن للحكيم أن يعاقب الانسان من دون أن يسبق البيان.
وعليه : (فلا وجه لتخصيصه بما قبل ورود الشرع) كما ذكره المحقّق القميّ.
كما (ولم يقع فيه) أي : في قبح المؤاخذة من دون البيان (خلاف بين العقلاء) إطلاقا ، فانهم جميعا متفقون على القبح المذكور.
(وإنّما ذهب من ذهب بوجوب الاحتياط) بعد ورود الشرع (لزعم نصب الشارع البيان على وجوب الاحتياط ، من الآيات والاخبار التي ذكروها) مثل قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (١) حيث دلّ على إنّ اللازم العلم بالجواز ، فإذا لم يعلم بالجواز واحتمل الوجوب أو الحرمة وجب عليه الاحتياط.
وقوله : «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت» (٢) الى غير ذلك ممّا يذكرونه
__________________
(١) ـ سورة الاسراء : الآية ٣٦.
(٢) ـ وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٦٧ ب ١٢ ح ٣٣٥٠٩ ، الامالي للطوسي : ص ١١٠ ح ١٦٨ ، الامالي للمفيد : ص ٢٨٣.