إنّما تنفي وجود : في الشريعة بحسب أصل الشرع أوّلا وبالذات ، فلا تنافي وقوعه بسبب عارض لا يسند الى الشارع ، ولذا لو نذر المكلّف امورا عسيرة ، كالأخذ بالاحتياط في جميع الأحكام الغير المعلومة ، وكصوم الدهر أو إحياء بعض الليالي
______________________________________________________
قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) (١) (إنّما تنفي وجوده) أي : وجود العسر (في الشريعة بحسب اصل الشّرع أوّلا وبالذات) بمعنى : إنّ الشارع لم يجعل حكما ضرريّا أو حرجيّا أو عسريّا بنفسه ، فاذا كان كذلك (فلا تنافي وقوعه) أي : وقوع الحكم العسري (بسبب عارض) مثل اختفاء الأحكام الواقعية التي جعلها الشارع غير عسيرة ، فانّ هذا الاختفاء المسبّب للعسر (لا يسند الى الشارع).
وعليه : فالعسر المسند الى الشارع منفي ، أما العسر الذي لا يسند الى الشارع فليس بمنفي.
(ولذا) أي : لاجل ما ذكرناه : من إنّ العسر بسبب العارض ليس بمنفي ، نرى (لو نذر المكلّف امورا عسيرة ، كالأخذ بالاحتياط في جميع الأحكام غير المعلومة) له ، فهو وإن كان مجتهدا ، فانّه لا يعلم بالأحكام علما قطعيّا ، وإنّما يستظهرها من ظاهر الأدلة ، فان نذر أن يأخذ بالاحتياط في كل حكم غير ضروري كان عسرا عليه.
(وكصوم الدّهر) حيث أنّه عسر شديد لغالب الناس.
(أو إحياء بعض اللّيالي) بالعبادة مما يكون في إحيائه عسر وحرج على
__________________
(١) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٥.