وفيه : أنّها غير ظاهرة ، فانّ حقيقة الايتاء الاعطاء.
فامّا أن يراد بالموصول المال ، بقرينة قوله تعالى قبل ذلك : (مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ.)
______________________________________________________
هذا الشيء حرام فهو لا يريد الحرمة منا ولا يكلّفنا بالحرم.
(وفيه : انّها غير ظاهرة) في الدلالة على البراءة وذلك كما قال : (فانّ حقيقة الايتاء : الاعطاء) أي : البذل ، وان البذل كما سيذكره المصنّف يرتبط بالمال أكثر ممّا يرتبط بالحكم ، وعلى كلّ : فانّ من الموصول وهو «ما» في قوله تعالى : (ما آتاها) ثلاثة احتمالات :
أحدها ما ذكره المصنّف بقوله : (فامّا أن يراد بالموصول : «المال» بقرينة قوله تعالى قبل ذلك : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ)) ومعنى قدر عليه رزقه : ضيّق عليه رزقه ، والآية في سورة الطلاق وهي تتحدث عن المطلّقة قال سبحانه : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ، وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ، وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ، فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ، وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى * لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ، وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ ، فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ ، لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها ، سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)(١).
بمعنى : إنّه إن كان الزوج ذا سعة في المال فلينفق حسب المتعارف ، وإن كان مضيقا عليه في رزقه فلينفق بقدر قدرته ، كالفقراء ينفقون بقدر قدرتهم ، بخلاف الأغنياء الّذين يوسعون في الانفاق ، حيث يتمكنون من ذلك.
__________________
(١) ـ سورة الطلاق : الآيات ٦ ـ ٧.