فالمعنى : إنّ الله سبحانه لا يكلّف العبد إلّا دفع ما أعطي من المال.
وإمّا أن يراد نفس فعل الشيء أو تركه ، بقرينة إيقاع التكليف عليه.
______________________________________________________
(فالمعنى) على هذا الاحتمال في الموصول هو (: إنّ الله سبحانه لا يكلّف العبد إلّا دفع ما أعطي من المال) وإنّما أوّله المصنّف بالدفع ، لأنّ «ما» الموصولة لا تكون متعلقا بالحدث ، فالمعنى : لا يكلّف الله نفسا إلّا دفع مال ، لا انّه : لا يكلّف الله نفسا إلا مالا ، فانّ المال ليس متعلق التكليف ، وإنّما متعلق التكليف عمل الانسان ، المتعلق بالمال.
وعلى كلّ : فهذا المعنى لا ربط له بالبراءة ، إذ الكلام في دفع مقدار المال ، لا في ان الانسان إذا شك في تكليف مجهول يكون بريئا عنه.
الثاني من محتملات «ما» الموصولة : ما أشار اليه بقوله : (وإمّا أن يراد) من الموصول (نفس فعل الشيء أو تركه) وإنمّا يراد منه نفس فعل الشيء أو تركه (بقرينة إيقاع التكليف عليه) أي : على الموصول فانّه سبحانه قال : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها)(١) ومن المعلوم : انّ التكليف يتعلق بالحدث ولا يتعلق بالعين.
وعلى هذا : يكون الايتاء بمعناه الكنائي وهو : الاقدار ، لا بمعنى الاعطاء ، فالمعنى حينئذ : لا يكلّف الله نفسا الّا ما أقدرها عليه من فعل أو ترك ، فانّ الله تعالى لا يكلّف الانسان بالطيران الى السماء بدون وسيلة ، كما لا يقول له : لا تكن في الحين ، فان مثل هذا الفعل والترك غير مقدور للإنسان
__________________
(١) ـ سورة الطلاق : الآية ٧.