ومن ذلك يعلم أنّه لا وجه للاستناد إلى قاعدة الاشتغال فيما إذا ترددت الفائتة بين الأقلّ والأكثر ، كصلاتين وصلاة واحدة ، بناء على أنّ الأمر بقضاء جميع ما فات واقعا يقتضي لزوم الاتيان بالأكثر من باب المقدّمة.
______________________________________________________
قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (١) ومثل قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي» (٢) وقوله عليهالسلام : «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٣) إلى غير ذلك من الأدلة العامة الشاملة للموضوع والحكم.
(ومن ذلك) أي : من دفع التوهم الذي تقدّم سابقا وبيّنّاه هنا مجملا (يعلم : انّه لا وجه للاستناد إلى قاعدة الاشتغال) فقد استند إلى قاعدة الاشتغال من جهة علمه الاجمالي بأنه اما فاتته عشر صلوات أو عشرون صلاة؟ وذلك (فيما إذا ترددت الفائتة بين الأقل والأكثر ، كصلاتين وصلاة واحدة) بان لم يعلم هل فاتته الظهران كلاهما ، أو الظهر وحدها؟.
وانّما استند إلى قاعدة الاشتغال (بناء على انّ الأمر بقضاء جميع ما فات واقعا) من المكلّف (يقتضي لزوم الاتيان بالأكثر من باب المقدمة) وذلك لأنّه إذا أتى بعشر صلوات فقط لا يعلم انّه أتى بكل الفوائت ، فمقدمة لعلمه بالاتيان بكل الفوائت ، يجب عليه الاتيان بالاكثر ـ وهي العشرين في المثال ـ وكذا في مثال الوطي المتقدّم.
وإن شئت قلت : ان الاشتغال اليقيني بحاجة إلى البراءة اليقينية ؛ وهذا الشخص
__________________
(١) ـ سورة الاسراء : الآية ١٥.
(٢) ـ من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٣١٧ ح ٩٣٧ ، وسائل الشيعة : ج ٦ ص ٢٨٩ ب ١٩ ح ٧٩٩٧ وج ٢٧ ص ١٧٤ ب ١٢ ح ٣٣٥٣٠.
(٣) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ١٦٤ ح ٣ ، التوحيد : ص ٤١٣ ح ٩ ، بحار الانوار : ج ٢ ص ٢٨٠ ب ٣٣ ح ٤٨ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٦٣ ب ١٢ ح ٣٣٤٩٦.