وأضعف من ذلك التمسك بالأدلة الشرعية الدالة على الاحتياط ، لما تقدّم من أنّ الظاهر من مادّة الاحتياط التحرّز عن الوقوع في الحرام.
كما يوضّح ذلك النبويّان السّابقان ، وقولهم صلوات الله عليهم : «إنّ الوقوف عند الشّبهة أولى من الاقتحام في الهلكة».
______________________________________________________
أمّا ثالث أدلتهم : فقد أشار اليه المصنّف بقوله : (وأضعف من ذلك) الذي ذكرناه : «من التمسك بالتجرّي لحرمة أطراف الشبهة المحصورة ، هو : (التمسك بالأدلة الشرعية الدالة على الاحتياط).
وانّما يكون أضعف (لما تقدّم : من أن الظاهر من مادّة الاحتياط) هو احراز الواقع ، و(التحرّز عن الوقوع في الحرام) فيكون التحريم وعدم التحريم دائرا مدار الواقع ، لأنّ معنى الاحتياط من حيث المادة : احراز الواقع ، وهذه المادة تقيّد هيئة الأمر في قوله عليهالسلام : «احتط» الظاهرة في الوجوب ، فتصرفها عن الوجوب مطلقا الى الوجوب فيما إذا طابق الواقع ، بأن كان محرّما في الواقع.
(كما يوضّح ذلك) أي : كون أمر الاحتياط للارشاد حذرا من عقاب الواقع لو صادف الواقع (النبويّان السّابقان) : «اتركوا ما لا بأس به» (١) و«من أخذ بالشبهات» (٢) على ما ذكرنا هناك وجه كونهما ظاهرين في الارشاد المحض.
(وقولهم صلوات الله عليهم : «انّ الوقوف عند الشّبهة أولى من الاقتحام
__________________
(١) ـ اشارة الى الحديث الوارد عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم «حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به البأس» انظر الصراط المستقيم : ج ١ ص ١٣٥ وقريب منه في تحف العقول : ص ٦٠ ، الالفين : ص ٣١٢ ، مجموعة ورام : ج ١ ص ٦٠.
(٢) ـ الكافي (اصول) : ج ١ ص ٦٨ ح ١٠ ، من لا يحضره الفقيه : ج ٣ ص ٨ ب ٢ ح ٣٢٣٣ ، تهذيب الاحكام : ج ٦ ص ٣٠٢ ب ٢٢ ح ٥٢ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٠٦ ب ٩ ح ٣٣٣٣٤.