ثم إنّ الرواية الاولى والثالثة وإن كانتا ظاهرتين في الواجبات إلّا أنّه يعلم جريانهما في المستحبّات بتنقيح المناط العرفيّ ، مع كفاية الرواية الثانية في ذلك.
______________________________________________________
(ثم إنّ الرواية الاولى) وهي قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فأتوا منه ما استطعتم» (١) (والثالثة) وهي قوله عليهالسلام : «ما لا يدرك كله لا يترك كله» (٢) (وان كانتا ظاهرتين في الواجبات) ما كان : «فأتوا» و «لا يترك» (إلّا انّه يعلم جريانهما في المستحبّات بتنقيح المناط العرفيّ) فان العرف يفهم من مثل هذه العبارات ان مناطها موجود في المستحبات أيضا.
لكن ربما يقال : بأن ظاهر الروايتين هو الأعم من الواجب والمستحب ، فلا حاجة إلى المناط ، كما لا تحتاج الرواية الثانية إلى المناط على ما أشار اليه المصنّف بقوله : (مع كفاية الرواية الثانية في ذلك) أي : في شمولها للواجب والمستحب بلا حاجة إلى المناط ، وذلك لان قول أمير المؤمنين عليهالسلام : «الميسور لا يسقط بالمعسور» (٣) بنفسه يشمل الواجب والمستحب معا.
ولا يخفى : ان هذه الروايات كما تشمل الواجب والمستحب تشمل الحرام والمكروه أيضا ولو بالمناط يعني : بغض النظر عن الأدلة الموجودة في المقام فان هذه الروايات تشملهما أيضا ، فاذا كان شيء حراما ، واضطر إلى ارتكاب بعضه لا جميعه حرم عليه ارتكاب الباقي ، وكذلك إذا كان شيء مكروها ، كأكل الجبن ،
__________________
(١) ـ غوالي اللئالي : ج ٤ ص ٥٨ ح ٢٠٦ (بالمعنى) ، بحار الانوار : ج ٢٢ ص ٣١ ب ٣٧.
(٢) ـ غوالي اللئالي : ج ٤ ص ٥٨ ح ٢٠٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١٩ ص ٧٥ ب ٢٣٩ ، بحار الانوار : ج ٥٦ ص ٢٨٣ ب ٢٥.
(٣) ـ غوالي اللئالي : ج ٤ ص ٥٨ ح ٢٠٥ ، بحار الانوار : ج ٨٤ ص ١٠١ ب ١٢ ح ٢.