ويكفي في موضوعه إحراز الواقع المشكوك فيه به ، ولو كان على خلافه دليل اجتهادي بالنسبة اليه ، فانّ قيام الخبر الصحيح على عدم وجوب شيء لا يمنع من الاحتياط فيه ، لعموم أدلة رجحان الاحتياط ،
______________________________________________________
وما أشبه كما ذكرناه في أوائل الكتاب.
(ويكفي في موضوعه احراز الواقع المشكوك فيه) احرازا (به) أي : بالاحتياط ، فاذا كان هناك متباينان حصل الاحتياط فيه بالتكرار ، وإذا كان هناك أقل وأكثر سواء كان الأكثر جزءا أو شرطا حصل الاحتياط فيه باتيان الأكثر ، وإذا كان شكا بدويا حصل الاحتياط فيه باتيان المحتمل ، امّا إذا عارض احتياط احتياطا فاللازم الأخذ بأهمهما ، كما إذا دار الأمر بين قراءة السورة وخروج بعض الصلاة من الوقت ، فانه يقدم الاحتياط الأهم على الاحتياط المهم.
وعليه : فانه إذا تحقق موضوع الاحتياط ، فالاحتياط حسن ، حتى (ولو كان على خلافه) أي : على خلاف الاحتياط (دليل اجتهادي بالنسبة اليه) أي : بالنسبة إلى ذلك الاحتياط مثل : وجود ظاهر الكتاب ، وخبر العادل ، وكذا إذا كان هناك أصل عملي على خلافه كالبراءة ـ مثلا ـ فانه يكون حسنا أيضا.
وإنّما يكون الاحتياط حسنا حتى مع الدليل على خلافه ، لانه كما قال : (فانّ قيام الخبر الصحيح على عدم وجوب شيء) من الدعاء عند رؤية الهلال ـ مثلا ـ أو ما أشبه ذلك (لا يمنع من الاحتياط فيه ، لعموم أدلة رجحان الاحتياط) عقلا ونقلا ، مثل قوله عليهالسلام : «أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت» (١).
__________________
(١) ـ الأمالي للمفيد : ص ٢٨٣ ، الأمالي للطوسي : ص ١١٠ ح ١٦٨ ، وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٦٧ ب ١٢ ح ٣٣٥٠٩.