ومن هنا قد يلتجئ إلى ما لا يأباه كلام صاحب المدارك ومن تبعه ، من أنّ العلم واجب نفسي والعقاب على تركه من حيث هو ، لا من حيث افضائه إلى المعصية ، أعني ترك الواجبات و
______________________________________________________
الوقت ولم يتحقق الشرط ، وامّا بعد دخول الوقت وتحقق الشرط فكذلك أيضا ، لأجل الغفلة الناشئة عن ترك الفحص والتعلم ، فلا يصح العقاب عليه مع ان الاجماع والضرورة قائمان على استحقاق العقاب بالمخالفة ، سواء في التكاليف الموقتة والمشروطة أم في التكاليف المطلقة.
(ومن هنا) أي : من حيث ان الوجه الأخير وهو : عدم توجه التكليف إلى الغافل ، يستلزم القول بالتفصيل في العقاب على المخالفة بين الواجبات المطلقة والواجبات المؤقتة والمشروطة مع انه لم يقل به أحد ، لذلك (قد يلتجئ إلى ما لا يأباه كلام صاحب المدارك ومن تبعه) وهو كما قال :
(من انّ العلم واجب نفسي والعقاب على تركه) أي : على ترك التعلم يكون (من حيث هو) أي : من حيث انه ترك التعلم (لا من حيث افضائه إلى المعصية أعني) من إفضاء عدم التعلم إلى المعصية هو : أدائه إلى (ترك الواجبات وفعل المحرّمات المجهولة تفصيلا) فان الجاهل وان كان يعلم بواجبات ومحرمات في الجملة ، لكن لا يعلم بهما تفصيلا ، فلا يعاقب على تركهما ، وإنّما على ترك التعلم فقط.
(و) ان قلت : إذا كان العقاب على ترك التعلم من حيث هو لا من حيث إفضائه إلى المعصية ، فما ذا تصنعون بظاهر الأدلة الدالة على ان التعلم واجب من باب المقدمة ، مثل آية النفر (١) ، وآية السؤال (٢) ، ومثل قوله عليهالسلام : «عليكم بالتفقه
__________________
(١) ـ اشارة الى سورة التوبة : الآية ١٢٢.
(٢) ـ اشارة الى سورة النمل : الآية ٤٣.