ودفع هذا الاشكال ، إمّا بمنع تعلق التكليف فعلا بالواقعي المتروك ، وإمّا بمنع تعلّقه بالمأتي به ، وإمّا بمنع التنافي بينهما.
______________________________________________________
كونه مأمورا بالاتمام ، فيكون معنى ذلك : انه مأمور بالقصر وبالاتمام معا ، وهذا تناقض ظاهر ، وكذلك بالنسبة إلى الجهر والاخفات.
ويمكن الجواب عن ذلك جوابا أوليا : بأن المؤاخذة على ترك الواقع لا يدل على بقاء الأمر الواقعي ، فاذا أمر المولى عبده بأن يأتي إليه بماء عذب ليشربه لأنه قد غصّ بلقمته ، فجائه بماء أجاج فشربه اضطرارا لم يبق الأمر الأوّل ، لأن المولى قد تخلص من اللقمة فلا يحتاج بعدها إلى الماء ومع ذلك فان العبد مستحق للعقاب على عدم إطاعة الأمر الأوّل.
(ودفع هذا الاشكال) هو كدفع الاشكال في كل مورد يتوهم فيه التناقض والتضاد ، وذلك بأن يقال : اما ان يكون هذا الضد غير موجود ، أو ذلك الضد غير موجود ، أو ان كليهما موجودان إلّا انه ليس بينهما تناف.
إذن : فالجواب عن هذا الاشكال يكون أولا : (إمّا بمنع تعلق التكليف فعلا) أي : انه بعد إتيان التمام موضع القصر لا تكليف (بالواقعي المتروك) الذي هو القصر ، فالقصر إنّما يجب على المسافر العالم بالحكم ، لا المسافر الجاهل بالحكم.
ثانيا : (وامّا بمنع تعلّقه بالمأتي به) أي : ان الأمر في الواقع قد تعلق بالقصر لا بما أتى به من التمام ، لكن هذا التمام غير المأمور به قد أسقط القصر الذي كان مأمورا به ، كما مثّلنا له بالماء العذب والماء الاجاج.
ثالثا : (وإمّا بمنع التنافي بينهما) أي : انه لا يلزم من الأمر بالتمام والأمر بالقصر ، أمرا بضدين في آن واحد.