وهذا الجاهل وإن لم يتوجه إليه خطاب مشتمل على حكم ظاهريّ ، كما في الجاهل بالموضوع ، إلّا أنّه مستغنى عنه باعتقاده لوجوب هذا الشيء عليه في الواقع ، وإمّا من جهة القول بعدم تكليف الغافل
______________________________________________________
إذن : فكما ان الجاهل بكون هذا المائع خمرا يحكم عليه حكما ظاهريا بجواز شربه وان كان الحكم الواقعي للخمر ثابتا عليه ، فكذلك الجاهل بالحكم فيما نحن فيه فانه معذور لكنه لغفلته لم يحكم عليه بحكم ظاهري ، لاستغنائه عن الحكم الظاهري بسبب اعتقاده بوجوب التمام ـ مثلا ـ عليه كما قال :
(وهذا الجاهل وان لم يتوجه إليه خطاب مشتمل على حكم ظاهريّ) لفرض غفلته عن الحكم الظاهري أيضا ، فلا يتوجه هذا الخطاب إليه (كما) كان يتوجه الخطاب المشتمل على حكم ظاهري (في الجاهل بالموضوع) لفرض التفاته إلى الحكم الظاهري لهذا المائع الذي لم يعلم خمريته (إلّا أنّه) أي : الخطاب بالحكم الظاهري بالنسبة إلى هذا الجاهل بالحكم (مستغنى عنه).
إذن : فالشارع لا يخاطبه بالتمام الذي هو حكم ظاهري له لاستغنائه عن هذا الحكم الظاهري (ب) سبب (اعتقاده) أي : اعتقاد هذا الجاهل (لوجوب هذا الشيء عليه) وهو التمام (في الواقع) فان الشارع قد اكتفى منه بما أتى به من التمام في السفر من دون ان يخاطبه به ، وإنّما اوكله إلى ما اعتقده من كون تكليفه التمام.
والفرق بين هذا الوجه والوجه الأوّل هو : ان في الوجه الأوّل لا تكليف بالتمام بالنسبة إلى الجاهل بالحكم ، وفي الوجه الثاني له تكليف شأني لا فعلي ، والجهل بالتكليف الشأني يكون نظير الجهل بالموضوع من حيث المعذورية ويحكم فيه بمقتضى الاصول على خلاف الحكم الواقعي.
الوجه الثالث ما أشار إليه بقوله : (وامّا من جهة القول بعدم تكليف الغافل