أو عدم تقدّم الكرّية ، حيث يعلم بحدوثها على ملاقاة النجاسة ، فان أعمال الاصول يوجب الاجتناب عن الاناء الآخر أو الملاقي أو الماء.
أقول : توضيح الكلام في هذا المقام :
______________________________________________________
(أو) مثل أصل (عدم تقدّم الكرّية حيث يعلم بحدوثها) أي : بحدوث الكرّية ويشك في تقدمها (على ملاقاة النجاسة) فانه إذا علم إجمالا بلوغ الماء كرا ، وحدوث الملاقاة للنجس ، ولم يعلم هل ان الكرّية كانت متقدمة على الملاقاة حتى يكون هذا الماء طاهرا ، أو الملاقاة حتى يكون هذا الماء نجسا؟ فانه لا يصح لنا اجراء أصالة عدم تقدّم الكرّية على ملاقاة النجاسة حتى نقول بنجاسة الماء ووجوب اجتنابه بل نجري في هذا الماء أصالة الطهارة.
وإنّما قال بعدم جريان الأصل في هذه الأمثلة الثلاثة لما ذكره بقوله : (فان أعمال الاصول يوجب الاجتناب عن الاناء الآخر) في المثال الأوّل (أو الملاقي) في المثال الثاني (أو الماء) في المثال الثالث وذلك غير جائز عنده.
ثم لا يخفى : ان ما جعله الفاضل التوني شرطا للعمل بأصل البراءة ، أراد به الأعم من أصل البراءة واستصحاب العدم ، وأمثلته هنا واضحة ، فان أصالة عدم الماء كرا ، وكذا أصالة عدم تقدّم الكرّية ، من قبيل الاستصحاب لا من قبيل البراءة ، بينما مثاله الأوّل من قبيل البراءة.
(أقول : توضيح الكلام في هذا المقام) هو : ان الأصل ان كان موجبا لثبوت حكم آخر ، فاما ان يكون على نحو السبب والمسبّب ، بأن يساعد لاثبات موضوع حكم آخر ، فجريان الأصل فيه لا مانع منه ، واما ان يكون على نحو الملازمة ، بأن يثبت الحكم الآخر بالملازمة ، فجريان الأصل فيه مشروط بأن لا يكون معارضا بأصل آخر من جهة اخرى ، لأنه إذا استلزم العمل بالأصل ، إثبات حكم شرعي