ولو في هذه القضية الشخصية لثبوت حكم تكليفي في ذلك المورد أو في مورد آخر ، كنفي وجوب الاجتناب عن أحد الإناءين.
فانّ كان إيجابه للحكم على الوجه الأوّل ،
______________________________________________________
تقدّم أحدهما يستلزم عادة لا عقلا ـ تقدّم الآخر ، لأن التقدم والتأخر ليسا ضدين لا ثالث لهما ، بل لهما ثالث وهو : التقارن بين الكرّية والملاقاة ، غير ان هذا التقارن لا يكون عادة ، فيكون أصالة عدم تقدّم الكرّية مستلزما عادة لتقدم الملاقاة فيثبت للماء حكم النجاسة الموجب للاجتناب.
وعليه : فاذا كان الأصل موجبا لاثبات حكم آخر على نحو الملازمة ، فالفاضل التوني يمنع من جريان هذا الأصل (ولو في هذه القضية الشخصية) وذلك لعدم الفرق بين أن تكون الملازمة كلية ، كما في الأمثلة المتقدمة : من العقلية والشرعية والعادية ، وبين أن تكون الملازمة في صغرى جزئية ، كما في مثال الإناءين حيث اتفق نجاسة أحدهما في الخارج.
والحاصل : ان الفاضل التوني يشترط في جريان الأصل بأنه لا يكون موجبا لثبوت حكم آخر سواء كان على نحو السبب والمسبب كما مر ، أم على نحو الملازمة بأن استلزم نفي الحكم بالأصل (لثبوت حكم تكليفي) آخر (في ذلك المورد) كما في أصل عدم تقدّم الكرّية على الملاقاة المستلزم عادة لتقدم الملاقاة على الكرّية ، فيثبت حكم النجاسة لنفس هذا الماء (أو في مورد آخر ، كنفي وجوب الاجتناب عن أحد الإناءين) المستلزم عقلا لوجوب الاجتناب عن ذلك الاناء الآخر لا نفس هذا الاناء.
لكن ليس الأمر على إطلاق ، كما قال الفاضل التوني ، بل فيه تفصيل أشار إليه المصنّف بقوله : (فانّ كان) الأصل (إيجابه للحكم) الآخر (على الوجه الأوّل)