كالمثال الثاني ، فلا يكون ذلك مانعا عن جريان الأصل ، لجريان أدلّته من العقل والنقل من غير مانع.
ومجرّد إيجابه لموضوع حكم وجودي آخر لا يكون مانعا عن جريان أدلّته ، كما لا يخفى على من تتبّع الأحكام الشرعية والعرفيّة.
______________________________________________________
بأن كان على نحو السبب والمسبب ، وذلك (كالمثال الثاني) للمصنف وهو : أصل عدم بلوغ الماء الملاقي للنجس كرا ، وأصل عدم كون المستطيع مديونا ، وغير ذلك من أمثلة السببية والمسببية (فلا يكون ذلك مانعا عن جريان الأصل).
وإنّما لا يكون مانعا (لجريان أدلّته من العقل والنقل) فان قبح العقاب بلا بيان دليل البراءة عقلا ، وإثبات الاستطاعة بالأصل بيان ، فاذا ترك الحج حينئذ لم يكن عقابه من العقاب بلا بيان ، كما ان «رفع ما لا يعلمون» دليل البراءة شرعا ، والدين المشكوك مما «لا يعلمون» فيرفعه الأصل ، فتثبت الاستطاعة عقلا ونقلا (من غير مانع) يمنع منها.
(و) ان قلت : ان الأصل إنّما هو لنفي الحكم ، فاذا استلزم لثبوت حكم آخر ولو من باب السبب والمسبب بأن أثبت موضوع حكم وجودي آخر ، كان ذلك مانعا من جريانه.
قلت : (مجرّد إيجابه) أي : إيجاب الأصل (لموضوع حكم وجودي آخر) كالاستطاعة ـ مثلا ـ التي هي موضوع وجوب الحج (لا يكون مانعا عن جريان أدلّته) أي : أدلة الأصل فيه.
(كما لا يخفى على من تتبّع الأحكام الشرعية والعرفيّة) أيضا ، حيث لم يدع احد اشكالا في وجوب الحج بعد إجراء أصالة البراءة عن الدين ، ولا في جواز العبادة الاستيجارية للأجير الذي يجري البراءة عن وجوب الصوم أو الحج