لأنّ المراد نفي الضرر من غير جبران بحسب الشرع ، وإلّا فالضرر غير منفي ، فلا علم حينئذ ولا ظن بأن الواقعة غير منصوصة ، فلا يتحقق شرط التمسك بالأصل من فقدان النصّ ، بل يحصل القطع بتعلّق حكم شرعي بالضار ، ولكن لا يعلم أنّه مجرد التعزير
______________________________________________________
وإنّما عليه الضمان (لأنّ المراد) من (نفي الضرر) ليس هو نفي وجوده ، بل تركه (من غير جبران بحسب الشرع ، وإلّا فالضرر غير منفي) لوجوده بكثرة بين المسلمين ، فأدلة نفي الضرر وان نفت نفس الضرر ، إلّا ان وجود الضرر بين المسلمين قرينة على ان المراد من نفيه هو : الضرر غير المتدارك.
إذن : (ف) في هكذا موارد بناء على ان المنفي هو : الضرر غير المتدارك ، لا يجوز للضار إجراء البراءة من دون فحص عن الدليل لاحتمال وجود دليل يبيّن ما يجب عليه من التدارك ، فيرجع هذا الشرط وهو : ان لا يتضرر من اعمال البراءة غيره إلى ما سبق من اشتراط البراءة بالفحص واليأس ، إذ (لا علم حينئذ ولا ظن بأن الواقعة) المذكورة في الأمثلة المتقدمة (غير منصوصة).
وإنّما لا علم ولا ظن بعدم النص لاحتمال ان «لا ضرر» و «من أتلف» وما أشبه يشمل هذه الوقائع من الأمثلة (فلا يتحقق شرط التمسك بالأصل) أي : أصل البراءة (من فقدان النصّ) لأن النص موجود.
وعليه : فليس المقام إذن مما لا نص فيه حتى يجري فيه البراءة ، بل المقام مما فيه العلم الاجمالي بلزوم الضار شيئا كما قال : (بل يحصل القطع بتعلق حكم شرعي بالضار) مردّد بين كونه هو التعزير والعقاب خاصة ، أو الضمان خاصة ، أو كلاهما.
إذن : فهو يعلم بتوجه حكم اليه (ولكن لا يعلم) هل (انّه مجرد التعزير)