إنّه يظهر ممّا ذكرنا : من حكومة الرواية ، وورودها في مقام الامتنان ـ نظير أدلة نفي الحرج والاكراه ـ أنّ مصلحة الحكم الضرري المجعول بالأدلة العامة لا يصلح أن يكون تداركا للضرر ، حتى يقال : إنّ الضرر يتدارك بالمصلحة العائدة إلى المتضرّر وإنّ الضرر المقابل بمنفعة راجحة عليه ، ليس بمنفيّ بل ليس ضررا.
______________________________________________________
وما أشبه ذلك.
إذن : فقاعدة «لا ضرر» إنّما تكون حاكمة على مثل : إتلاف أموال الناس ، لا على مثل : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ...) (١) أو مثل : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) (٢) أو ما أشبه ذلك من العمومات الدالة بعمومها على تشريع العبادة الضررية ، بل تكون هذه العمومات حاكمة على قاعدة لا ضرر ، لا محكومة بقاعدة لا ضرر ، فيجب حينئذ الوضوء الضرري ، والصوم الضرري ، والحج الضرري ، وسائر العبادات الضررية.
والجواب : (إنّه يظهر ممّا ذكرنا : من حكومة الرواية ، وورودها في مقام الامتنان نظير أدلة نفي الحرج والاكراه) يظهر منه ما يلي :
(أنّ مصلحة الحكم الضرري المجعول بالأدلة العامة) كأوامر الصلاة والصوم والحج وغيرها (لا يصلح ان يكون تداركا للضرر) الناشئ من هذه العبادات (حتى يقال : إنّ الضرر يتدارك بالمصلحة العائدة إلى المتضرّر) من هذه العبادات (و) حتى يقال : (إنّ الضرر المقابل بمنفعة راجحة عليه ليس بمنفيّ) في الشريعة (بل) وحتى يقال : ان الضرر المتدارك (ليس ضررا) أصلا.
__________________
(١) ـ سورة المائدة : الآية ٦.
(٢) ـ سورة البقرة : الآية ١٨٣.