فان جوّزنا الفصل في الحكم الظاهري الذي تقتضيه الاصول العمليّة فيما لا فصل فيه من حيث الحكم الواقعي ، فيعمل بكلّ واحد من الأصلين ،
______________________________________________________
البراءة كما عرفت تقتضي عدم قدح الزيادة ، فيتعارض الأصلان : أصل البراءة وأصل الاشتغال معا في الزيادة.
وعليه : (فان جوّزنا الفصل في الحكم الظاهري الذي تقتضيه الاصول العمليّة فيما لا فصل فيه من حيث الحكم الواقعي ، فيعمل بكلّ واحد من الأصلين) في مورده بلا محذور ، ولذلك ذهب جماعة من الفقهاء والاصوليين إلى جواز الفصل في الحكم الظاهري.
وإنّما ذهبوا إلى ذلك لانهم قالوا : ان الدليل إنّما دل على عدم جواز الفصل في الحكم الواقعي ، لا في الحكم الظاهري وما نحن فيه من الحكم الظاهري ، فيجوز فيه الفصل بين الأصلين ، لانه على تقدير جواز الفصل لا تعارض ولا تنافي بينهما.
ولا يخفى : انه قد ورد كثيرا في الشريعة : الفصل بين المتلازمين في الحكم الظاهري مع ان الحكم الواقعي يقتضي وحدة الحكم ، مثل : اعطاء ربع الوصية ونصفها وثلثها بسبب شهادة امرأة أو اثنتين أو ثلاث ، مع ان الوصية ان كانت ثابتة لزم تنفيذ جميعها ، وإلّا فلا تنفيذ لها أصلا.
ومثل اعطاء الجمل منصّفا لنفرين حيث ادعى كل واحد منهما كله ، فقسّمه أمير المؤمنين عليهالسلام بينهما نصفين مع ان الجمل إمّا كله لهذا أو كله لذاك.
ومثل إعطاء ثلاثة أرباع الارث للخنثى ، مع انه إمّا ذكر وإمّا أنثى ، فيجب ان يكون إمّا الكل وإمّا النصف.
ومثل أخذ المال من السارق دون القطع إذا اعترف مرة ، مع انه ان كان سارقا لزم الحكمان ، وان لم يكن سارقا سقط الحكمان ، إلى غير ذلك من الأمثلة.