وجعله نفس الجزاء يحتاج الى تكلّف.
وإقامة العلّة مقام الجزاء لا تحصى كثرة في القرآن وغيره ، مثل : قوله (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)
______________________________________________________
إن قلت : لا حاجة الى أن نلتزم بحذف الجواب حتى نجعل العلّة قائمة مقامه ، إذ يمكن جعل العلّة نفس الجزاء ، فيختص بالوضوء.
قلت : (وجعله نفس الجزاء يحتاج الى تكلّف) أي : جعل قوله عليهالسلام : «فإنه على يقين من وضوئه» جوابا لا يكون إلّا بتكلف ، والتكلف هنا هو : جعل الأخبار بمعنى الانشاء ، فيكون معنى الحديث : إن لم يستيقن إنه قد نام فليبق على يقين من وضوئه فيختص بالوضوء ولا يكون حينئذ دليلا على حجية الاستصحاب مطلقا.
لا يقال : يؤيد جعل نفس الجزاء جوابا : أن اقامة العلّة مقام المعلول مجاز أيضا كجعل الجواب نفس الجزاء فلما ذا تقدمون ذلك المجاز على هذا المجاز؟.
لأنه يقال : (وإقامة العلّة مقام الجزاء) الذي هو المعلول مجاز شائع بحيث يكون أظهر من سائر المجازات حتى مما ارتكبه المتكلف ، فإن إقامة العلّة مقام الجزاء (لا تحصى كثرة في القرآن وغيره) من الأحاديث وأشعار العرب وكلماتهم.
أما في القرآن فهو (مثل : قوله) تعالى : ((وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) (١)) فإن قوله تعالى : (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ) علّة للجزاء المحذوف يعني : انه لا حاجة الى الجهر بالقول ، ما دام إن الله سبحانه وتعالى يعلم السرّ وأخفى من السرّ ، والأخفى من السرّ هو : ما يدور في القلب والصدر ، فكأن مراد الآية :
__________________
(١) ـ سورة طه : الآية ٧.