فالتحقيق : أنّ الاستصحاب من حيث هو مخالف للقواعد الثلاث : البراءة والحلّ والطهارة ، وإن تصادقت مواردها.
فثبت من جميع ما ذكرنا : أنّ المتعيّن : حمل الرواية المذكورة
______________________________________________________
مثلا : المسبوق بالتكليف كصوم يوم الشك من شوال ، والمسبوق بالبراءة كصوم يوم الشك من شعبان ، وما لا سابقة له كشرب التتن بعد البلوغ إذا شك في أن التتن بعد البلوغ حرام أو حلال ، فإن هذه كلها ـ كما رأيت ـ موارد للاستصحاب أيضا.
إذن : فموارد دليل البراءة تتصادق مع موارد دليل الاستصحاب ، لكن هذا التصادق لا يستلزم الاستدلال بدليل البراءة على استصحاب البراءة ، وذلك لأن البراءة إنّما هو بملاحظة الشك في التكليف ، لا بملاحظة استصحاب البراءة في المسبوق بالبراءة على ما عرفت مثاله : من إكرام الأب لأنه عالم لا لأنه أب.
وعلى هذا : (فالتحقيق : أنّ الاستصحاب من حيث هو) أي : من حيث المناط الذي هو لحاظة الحالة السابقة وسحبها الى الحالة اللاحقة المشكوكة (مخالف للقواعد الثلاث : البراءة) وهي عند الشك في التكليف (والحلّ) الذي هو في مشتبه الحرمة (والطهارة) التي هي في مشتبه النجاسة.
إذن : فالاستصحاب مخالف للقواعد الثلاث مناطا (وإن تصادقت مواردها) على ما علمت من أن القواعد الثلاث : من البراءة والحل والطهارة موردها أعمّ مطلقا من مورد الاستصحاب ، لكن التصادق موردا شيء والدلالة على الاستصحاب شيء آخر ، ولا تلازم بين التصادق موردا والدلالة لفظا.
(فثبت من جميع ما ذكرنا : أنّ المتعيّن : حمل الرواية المذكورة)