فالأولى حملها على إرادة الاستصحاب ، والمعنى : «أنّ الماء المعلوم طهارته بحسب أصل الخلقة طاهر ، حتى تعلم ..» أي : مستمر طهارته المفروضة الى حين العلم بعروض القذارة له ، سواء كان الاشتباه وعدم العلم من جهة الاشتباه في الحكم ، كالقليل الملاقي للنجس ، والبئر ،
______________________________________________________
كما إن الغالب الذي يندر خلافه هو : إن الشك في الماء يحصل من جهة احتمال عروض النجاسة مع سبق الطهارة ، إلّا في بعض الافراد النادرة حيث لا يكون الشك فيها من هذه الجهة مثل : الكر المتغير الزائل تغيره بنفسه ، والكر المجتمع من المياه النجسة ، حيث اختلفوا في إنه هل يطهر بذلك لصدق قوله : «الماء إذا بلغ قدر كر لم ينجّسه شيء» (١) ، أو لم يطهر بذلك لعدم صدقه عليه.
وهكذا بالنسبة الى الماء النجس المتمم كرا بطاهر ، فهل يكون طاهرا أو يكون نجسا ، وذلك لأن الماء لا يمكن أن يكون له حكمان بعضه طاهر وبعضه نجس؟.
إذن : (فالأولى حملها) أي : حمل هذه الرواية الثالثة (على إرادة الاستصحاب) فتكون من الروايات الدالة على حجية الاستصحاب (و) يكون (المعنى «أنّ الماء المعلوم طهارته بحسب أصل الخلقة طاهر حتى تعلم ..») ومعنى إنه طاهر حتى تعلم (أي : مستمر طهارته المفروضة الى حين العلم بعروض القذارة له) وهذا هو معنى الاستصحاب.
وعليه : فالرواية تدل على الاستصحاب وتشمل الشبهة الحكمية والموضوعية معا كما قال المصنّف : (سواء كان الاشتباه وعدم العلم من جهة الاشتباه في الحكم ، كالقليل الملاقي للنجس ، والبئر) فإن هذا من الشبهة الحكمية.
__________________
(١) ـ الكافي (فروع) : ج ٣ ص ٢ ح ١ و ٢ ، تهذيب الاحكام : ج ١ ص ١٥٠ ب ٦ ح ١١٨ ، الاستبصار : ج ١ ص ٦ ب ١ ح ١ وح ٢ ، وسائل الشيعة : ج ١ ص ١٥٨ ب ٩ ح ٣٩١.