التوراة إذا ما أرادوا التقاضي عند قضاتهم وأحبارهم وربانييهم.
وقد يقال وكيف يعرف السلطان الإسلامي أحكام التوراة وسفر التوراة الذي كتبه موسى عن الله مفقود. وهذا سؤال وجيه غير أن الأسفار التي تعود إلى حقبة موسى وهي الخروج والأحبار والعدد والتثنية احتوت كثيرا من الأحكام والتشريعات محكية عن موسى عن الله حيث يمكن أن يكون كتّابها استقوها من سفر التوراة قبل فقده مهما كان شابها تحريف وتبديل. ويتبادر هنا أن حكمة الله بعد أن اقتضت جعل اليهود مخيرين وأوجبت على أحبارهم وربانييهم أن يحكموا بينهم وفاقا لأحكام التوراة صار من السائغ أن يقال إنه لا مانع من ترك الأمر في تطبيق ما في أيديهم من أسفار فيها أحكام وتشريعات محكية عن موسى عن الله تعالى دون أحكام خارجة عن نطاقها والله تعالى أعلم.
هذا وفي كتب التفسير أقوال متنوعة في صدد ما في الآيتين من معان وأحكام وفي صدد تطبيق ذلك أو ما في بابه على المسلمين.
فأولا : في صدد جملة (يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) روى الطبري عن السدي أنها تعني النبي صلىاللهعليهوسلم وروى عن قتادة حديثا مرفوعا جاء فيه «إن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقول لما نزلت هذه الآية نحن نحكم على اليهود وعلى من سواهم من أهل الكتاب». وروى إلى هذا عن الزهري وعكرمة أنها تعني النبيين جميعا ومنهم النبي صلىاللهعليهوسلم. وقال الطبري إن أولى الأقوال بالصواب عندي أن الله أخبر أن التوراة يحكم بها مسلمو الأنبياء والأحبار لليهود. ونزيد على هذا أن روح الآيتين وفحواهما قويا الدلالة على أن المقصود هم أنبياء بني إسرائيل. وأن الآية بسبيل حكاية ما كان وما ينبغي أن يكون بالنسبة لليهود. والله أعلم.
وثانيا : في صدد جملة (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) وجملة (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) وجملة (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) والجملتان الأخيرتان وردتا في آيات تأتي بعد هذه الآيات فقد روى الطبري عن البراء بن عازب عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنها كلها