على عهد معاوية فأعطي دية فلم يقبل ثم أعطي ديتين فلم يقبل ثم أعطي ثلاثا فلم يقبل فحدث رجل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن رسول الله قال فمن تصدق بدم فما دونه كان كفارة له من يوم تصدق إلى يوم ولد فتصدق الرجل».
وفي هذه الأحاديث التي وإن كانت لم ترد في الكتب الخمسة متساوقة مع الحديث الذي يرويه الترمذي تأييد لتأويل جملة (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) بأنها تعني أن الكفارة لمن يعفو. ومن الجائز أن تكون الجملة تعقيبا أو تنبيها قرآنيا مباشرا فأخذ به النبي صلىاللهعليهوسلم ومن ذلك حديث رواه ابن ماجه وأورده ابن كثير جاء فيه «أن رجلا ضرب رجلا على ساعده بالسيف من غير المفصل فقطعها فاستعدى النبي صلىاللهعليهوسلم فأمر له بالدية فقال يا رسول الله أريد القصاص فقال له خذ الدية بارك الله لك فيها». وهناك حديث مهم في هذا الباب رواه أبو داود والنسائي عن أنس قال «ما رأيت رسول الله رفع إليه شيء فيه قصاص إلّا أمر بالعفو».
ففي هذه الأحاديث تلقين قوي بوجوب العدول عن القصاص في الجراحات والتسامح فيها.
وسابعا : في دية الجراحات :
ولقد روي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أحاديث عديدة عن دية الجراحات. منها حديث رواه أصحاب السنن عن ابن عباس «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم قال في دية الأصابع اليدين والرجلين سواء عشر من الإبل لكلّ إصبع» (١) وحديث رواه أبو داود والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن النبي صلىاللهعليهوسلم قضى في الأنف إذا جدع الدية كاملة وإن جدعت ثندؤته فنصف العقل وفي اليد إذا قطعت نصف العقل وفي الرجل نصف العقل. وفي المأمومة (وهي الشجة التي تصل إلى جلدة تسمى أم الدماغ) ثلث العقل والجائفة (وهي الشجة التي تصل إلى جوف الرأس والبطن والظهر ولم تقتل) مثل ذلك. وفي الأصابع في كلّ إصبع عشر من الإبل وفي
__________________
(١) التاج ج ٣ ص ١٣.