وروي مع ذلك عن عياض الأشعري أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما نزلت (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) أومأ إلى أبي موسى الأشعري وقال هؤلاء قومك أو هؤلاء قوم هذا. وروى الطبري عن أبي جعفر أحد الأئمة الاثني عشر أن الآية [٥٥] نزلت في علي بن أبي طالب لأنه تصدّق وهو راكع. وعن ابن عباس أن الآيات [٥٧ ـ ٦١] نزلت في رفاعة بن زيد التابوت وسويد بن الحرث اليهوديين اللذين كانا أظهرا الإسلام ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادّونهم. وهناك رواية تذكر أن الآيات [٥٤ و ٥٥] نزلت في عبد الله بن سلام لما أسلم هو وبعض اليهود فقطع سائر اليهود موالاتهم لهم فأنزل الله الآيات لتطمين الذين أسلموا من اليهود. وقد أورد البغوي والخازن وابن كثير والنيسابوري هذه الروايات. منهم من أوردها جميعها ومنهم من أورد بعضها ومنهم من عزاها إلى الطبري ومنهم من أوردها من طرق أخرى. وبينما يروى الطبري أن الآية [٥٤] عنت أبا موسى الأشعري وقومه يروي ابن كثير مع هذه الرواية رواية عن جابر بن عبد الله بأنها عنت قوما من اليمن ثم من كنده ثم من السكون ثم من تجيب. كما يروى النيسابوري حديثا عن النبي يفيد أنها عنت سلمان الفارسي وقومه.
ومفسرو الشيعة ورواتهم وعلماؤهم يعلّقون أهمية كبيرة على هذه الآيات وبخاصة الآيات [٥٤ و ٥٥ و ٥٦] ويرون فيها على ضوء أحاديث وروايات ينفردون في روايتها نصّا قرآنيا على ولاية علي رضي الله عنه وأولاده للمؤمنين وإمامتهم بعد النبي صلىاللهعليهوسلم دون غيرهم. وهذا ما يجعلنا نسهب شيئا في شرح هذا الأمر لوضع الأمر في نصابه الحق إن شاء الله.
فمما أورده الطبرسي أحد مفسريهم والمعتدلين منهم (١) رواية عن علي بن إبراهيم بن هاشم أن الآية الأولى نزلت في مهدي الأمة وأصحابه وأوّلها خطاب لمن ظلم آل محمد وقتلهم وغصب حقهم. وقد عقب المفسر على الرواية قائلا وينصر هذا القول كون ما جاء في فقرتها الثانية (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)
__________________
(١) في تفسيره المسمّى مجمع البيان.