لم يكونوا موجودين عند نزولها ويتناول القول من يكون بعدهم بهذه الصفة إلى قيام الساعة. وروى المفسر نفسه أيضا رواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله من الأئمة الاثني عشر أنها في أمير المؤمنين عليّ وأصحابه حين قاتل من قاتله من الناكثين والقاسطين والمارقين. وعقب المفسر على هذا بسبيل تدعيم الرواية قائلا إن النبي صلىاللهعليهوسلم وصف عليا رضي الله عنه الوصف الوارد في الآية الأولى بلفظ «يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» في حديث صدر عن النبي صلىاللهعليهوسلم يوم خيبر حيث قال «لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرارا غير فرار لا يرجع حتى يفتح الله على يده» (١) ثم أعطاها عليا. ثم استمر المفسر فقال أما الوصف باللين على أهل الإيمان والشدّة على الكفار والجهاد في سبيل الله مع عدم الخوف فيه لومة لائم الذي جاء في الآية فمما لا يمكن أن يدع عليّ عنه بما ظهر من مقاماته المشهورة.
ويروي الطبرسي عن علي أنه قال يوم البصرة أي اليوم الذي جرى حرب الجمل فيه بين عليّ وأنصاره وعائشة وطلحة والزبير وأنصارهم والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم. يريد القول بذلك الذين عنتهم الآية الأولى لم يكونوا موجودين وإنما جاؤوا بعد النبي. وإن عليا قاتل ذلك اليوم محققا ما في الآية. ويروى عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال «يرد عليّ قوم من أصحابي يوم القيامة فيجلون عن الحوض فأقول يا ربّ أصحابي أصحابي فيقول إنك لا علم لك بما أحدثوا من بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى (٢).
__________________
(١) في التاج ج ٣ ص ٢٩٣ ـ ٢٩٤ حديث فيه شيء من ذلك رواه الشيخان عن سلمة بن الأكوع بهذا النص «كان عليّ قد تخلّف عن النبي صلىاللهعليهوسلم وكان رمدا فقال أنا أتخلف ، فخرج فلحق بالنبي. فلما كان مساء الليلة التي فتح الله خيبر في صباحها قال رسول الله لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّه الله ورسوله أو قال يحبّ الله ورسوله يفتح عليه. فإذا نحن بعليّ وما نرجوه فقالوا هذا عليّ فأعطاه رسول الله الراية ففتح عليه». وهناك حديثان آخران يرويهما الشيخان بعد هذا الحديث وفي نفس المناسبة فيهما هذا الوصف.
(٢) هناك حديث يرويه الشيخان عن سهل بن سعد فيه شيء من ذلك هذه صيغته «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنا فرطكم على الحوض. من مرّ عليّ شرب. ومن شرب لم يظمأ أبدا. وليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم فأقول إنهم منّي فيقال لا تدري