ولقد أورد هذا المفسّر الرواية التي أوردها الطبري عزوا إلى أبي جعفر في صدد الآية [٥٥] بتفصيل مثير عن السدي عن غيابة بن ربعي قال «بينا عبد الله بن عباس جالس على شفير زمزم يقول قال رسول الله إذ أقبل رجل معمم بعمامة فجعل ابن عباس لا يقول قال رسول الله إلّا قال الرجل قال رسول الله فقال له ابن عباس سألتك بالله من أنت فكشف العمامة عن وجهه وقال يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي أنا جندب بن جنادة البدري أبو ذر الغفاري. سمعت رسول الله بهاتين وإلّا صمّتا ورأيته بهاتين وإلّا عميتا يقول «عليّ قائد البررة وقاتل الكفرة ومنصور من نصره ومخذول من خذله. أما إني صليت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوما من الأيام صلاة الظهر فسأل سائل في المسجد فلم يعطه أحد شيئا فرفع السائل يده إلى السماء وقال اللهم اشهد. إني سألت في مسجد رسول الله فلم يعطني أحد شيئا. وكان عليّ راكعا فأومأ بخنصره اليمنى إليه وكان يتختّم فيها فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره. وذلك بعين رسول الله. فلما فرغ رسول الله من صلاته رفع رأسه إلى السماء وقال اللهم إن أخي موسى سألك فقال (قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢)) فأنزلت عليه قرآنا ناطقا (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما). اللهم وأنا محمّد نبيك وصفيك اللهم فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أشدد به ظهري. قال أبو ذر فو الله ما استتمّ رسول الله الكلمة حتى نزل عليه جبريل من عند ربّه فقال يا محمد اقرأ قال وما أقرأ قال اقرأ (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)». ومع أن الرواية تذكر أن النبي كان يصلي حينما تصدق عليّ بخاتمه فإن المفسر يروي رواية أخرى جاء فيها أن النبي خرج إلى المسجد والناس بين قائم
__________________
ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن غيّر بعدي» وفي رواية البخاري قلت وما شأنهم قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. التاج ج ٥ ص ٣٤٤ و ٣٤٥.