روايات أخرى أم ناحية ضعف سندها وتهمة رواتها أم من ناحية عدم تناسبها مع السياق. وفي كتب التفسير الأخرى شيء من ذلك وإن كان ابن كثير هو الأقوى والأصرح فيه. ومما قاله الزمخشري إن الركوع لغة بمعنى الخشوع والإخبات والتواضع لله تعالى وإن معنى جملة (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة في حالة من الخشوع والإخبات والتواضع لله. وفي هذا ما فيه من الوجاهة. ويضع الأمر الذي يخرجه رواة الشيعة عن مداه في نصابه الحق المعقول الذي يلهمه أسلوب الآية وروحها.
ونحن نتوقف في الروايات التي تروي أن بعض هذه الآيات نزلت في اليهود الذين أسلموا ثم نافقوا أو في عبد الله بن سلام وجماعته إذا كان ذلك يعني أن هذه الآيات نزلت منفصلة عن غيرها. ونرى أن الآيات جميعها سياق واحد بسبيل توكيد نهي المسلمين عن اتخاذ الذين أوتوا الكتاب أولياء وبيان أسباب ذلك. ويلحظ أن الآية [٥٧] شملت في نهيها أهل الكتاب والكفار حيث أريد بذلك النهي عن موالاة كل كافر من الكتابيين والمشركين الذين يتخذون دين الإسلام وصلاة المسلمين وأذانهم هزوا. وهذا لا يمنع أن يكون بعض اليهود آمنوا ثم نافقوا وأن اليهود قاطعوا عبد الله بن سلام وجماعته لإسلامهم فرأى أهل التأويل الأولون في الآيات تطابقا مع ذلك وقالوا إنها في حقهم من قبيل التطبيق والاجتهاد وفي سور سبق تفسيرها ما يفيد أن من اليهود من كان يفعل ذلك مثل آية [٧٦] من سورة البقرة والآيات [٧٢ ـ ٧٣ و ٨٥ ـ ٩١] من سورة آل عمران.
وعلى ضوء كل ما تقدم نقول إن الآيات هي بسبيل نهي المؤمنين عن تولي اليهود والنصارى والكفار والتنديد بمن يفعل ذلك وإنذارهم ووصفهم بالارتداد وتوكيد كون الله ورسوله والمؤمنين الصادقين هم الأولى بالتولي وكون هؤلاء ومن يتولونهم هم المنصورون وكون الله سوف ينصر دينه بطوائف مخلصة في إيمانها مستعدة دائما للقتال في سبيل الله دون هوادة وتردد وخوف ، تحب الله ورسوله ويحبهم الله ورسوله. وهكذا تبدو قوة روعة الآيات أسلوبا ومدى. ونضيف إلى