هذا أن الآيات متصلة بما كانت عليه الحالة في عهد النبي صلىاللهعليهوسلم عند نزولها.
ونقول تعليقا على حديث الحوض إن من واجب المسلم الإيمان بما يثبت عن رسول الله من أخبار الآخرة مع استشفاف الحكمة من ذلك. والمتبادر أن من ذلك تحذير النبي صلىاللهعليهوسلم لأصحابه من الشذوذ والارتداد عن ما رسم الله ورسوله من حدود دينية ودنيوية. وهذا مستمر التلقين بطبيعة الحال لكل مسلم بعد أصحاب رسول الله.
هذا ، ومن المؤولين والمفسرين من جعل وصف ارتداد المسلم عن دينه الوارد في الفترة الأولى من الآية الأولى متحققا في تولي أهل الكتاب بسبب خلاف الدين مطلقا. ومنهم من جعل ذلك في من يتولى الأعداء المحاربين منهم وحسب. والقول الثاني هو الأوجه الذي يتناسب أكثر مع خطورة وصف الارتداد ومع الفقرة الثانية من الآية التي تذكر أن الله سوف يأتي بأناس يقاتلون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم لأن القتال إنما يرد في صدد أعداء محاربين على ما شرحناه في مناسبات عديدة في سور سبق تفسيرها. ويلحظ أن آية آل عمران [٢٨] قالت إن المؤمنين الذين يتولون غير المؤمنين ليسوا من الله في شيء وذكر هنا أن ذلك يكون ارتدادا. وليس من تناقض في ذلك. ولقد نهت آية آل عمران عن تولي غير المؤمنين إطلاقا. وآيات المائدة التي نحن في صددها نهت عن ذلك إطلاقا أولا ثم عادت إلى النهي مع التعليل. فيكون التعليل الذي يكون التولي والمنهي عنه به هو بالنسبة لمن يقف موقف عداء وسخرية من الإسلام والمسلمين. ويكون هذا ضابطا. وفي آيات في سورة الممتحنة يأتي هذا الضابط أقوى وأصرح على ما سوف يأتي شرحه في سياق تفسيرها الذي يأتي بعد تفسير هذه السورة مباشرة.
ومع خصوصية الآيات الزمنية فإنها كسائر الآيات المماثلة عامة التوجيه والتلقين لجميع المسلمين في كل ظرف. وإطلاق عبارتها مما يقوي هذا التعميم أيضا. ومما ينطوي فيها من تلقين بالإضافة إلى النهي والتحذير : (أولا) تقبيح موالاة أي فريق من المسلمين للكائدين لأمته ودينه ومناصرتهم والاستنصار بهم