والآية [١١٩] تنطوي على تنويه بالصادقين وبشرى لهم. وإطلاقها يفيد أنها في صدد كل صادق في إيمانه مستقيم على طريق الحقّ السوي. فهذا الصدق في هذا النطاق هو الكفيل بنجاة أصحابه يوم القيامة. وبنيل رضاء الله عنهم ورضائهم عنه عزوجل بما يكون لهم منه من تكريم.
وطابع الختام بارز على الآية الأخيرة. مما تكرر مثله في خواتم سور عديدة.
ولقد وقف ابن كثير عند الآية [١١٨] فقال إن لها شأنا عظيما ونبأ عجيبا. ثم أخذ يورد بعض أحاديث نبوية في سياقها. منها حديث رواه الإمام أحمد عن أبي ذرّ بصيغتين هذه إحداهما «إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم صلّى ذات ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها وهي (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)) فلما أصبح قلت يا رسول الله ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها قال إني سألت ربي عزوجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئا» ومنها حديث أخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال «إنّ النبي صلىاللهعليهوسلم تلا قول عيسى (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)) ، فرفع يديه فقال اللهمّ أمتي وبكى فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد ، وربّك أعلم ، فاسأله ما يبكيه فأتاه جبريل فسأله فأخبره رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما قال. فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل إنّا سنرضيك في أمّتك ولا نسوءك» وهذه الأحاديث لم ترد في الصحاح. ولا يمنع هذا صحتها. وفيها صورة من صور تأسي النبي صلىاللهعليهوسلم بمواقف وأقوال بعض الأنبياء في مناجاة الله عزوجل وصورة من صور عبادة النبي صلىاللهعليهوسلم وشفقته بأمّته. ومشهد من المشاهد الروحانية التي طمأنه فيها الله تعالى بأنه سيرضيه في أمته ولا يسوءه. وفيها في النهاية تطمين وبشرى لمن لا يشرك بالله شيئا من أهل هذه الأمة. والله تعالى أعلم.