بوصفهم أئمة كفر. وقد تكون في معنى التشديد في التحريض على قتال الأشد نكاية منهم في العداء والأذى. وقد يكون سياق الآيات وروحها مما يجعل الرجحان للمعنى الأول. غير أن المعنى الثاني لا يخلو من وجاهة. لأن التنكيل بالكبار والأشد نكاية يحلّ عقدة الباقين الذين هم تبع لهم. ومتأثرون بهم. والحملة على زعماء الكفار قد تكررت في القرآن من أجل ذلك وبسببه. غير أنها لم تقتصر عليهم وإنما شملت الكفار عامة مع التشديد على الزعماء. ويصحّ أن يقال إن مدى الجملة هنا هو من هذا القبيل. والله أعلم.
(أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣) قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٦)) [١٣ ـ ١٦].
(١) وليجة : مرادفة في معناها للدخيلة بمعنى الولي أو البطانة الذي يدخل في خصيصة شأن المرء.
عبارة الآيات واضحة. وفيها :
(١) تحريض وجه الخطاب فيه إلى المسلمين بصيغة السؤال عما إذا كان يصحّ لهم أن يترددوا ويحجموا عن قتال قوم نكثوا أيمانهم بعد العهد وكانوا من قبل يكيدون للنبي. وتآمروا على إخراجه. كما كانوا هم الذين بدأوهم بالبغي والعدوان. وعما إذا كان يصحّ أن يخشوهم في حين أن الله تعالى وحده هو الأحق بالخشية إن كانوا مؤمنين حقا.
(٢) وتوكيد للتحريض ينطوي على التطمين. فعليهم أن يقاتلوهم. فإنّ الله