الصلاة ويؤتون الزكاة جديرة بالتنويه حيث تلهم روحها معنى خلاص المشركين من تبعة أعمالهم ومواقفهم السابقة. وفي ذلك من التلقين والتشجيع والتسامح وفتح الباب للاندماج في الكيان الإسلامي بيسر. والعفو عما سلف ما هو جدير بالإجلال. وما فيه الدلالة على أن غاية الدعوة الإسلامية هي إنشاء كيان إسلامي قوي قائم على المبادئ القويمة السامية التي قامت عليها الدعوة الإسلامية وتيسير الاندماج فيه لكل امرئ مهما كانت حالته ومواقفه السابقة. وهذا متسق مع التقريرات القرآنية الكثيرة. وبخاصة مع الهدف والتلقين المنطويين في آيات التوبة الكثيرة على ما نبهنا عليه في مناسباته. وكلمة (فَإِخْوانُكُمْ) بخاصة تنطوي في مقامها على هدف التحبب والتأنيس لمن ينضوي إلى لواء الإسلام وتؤكد أخوة المنضوين الدينية التي قررتها جملة (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات : ١٠] والتي تمثل أقوى الروابط الروحية الإنسانية وأعمقها لأنها رابطة العقيدة والمبدأ التي تسمو على سائر الروابط. ولقد جاء في آية سورة الأنفال (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) [٣٨]. ويبدو أن حكمة التنزيل اقتضت أن يكون المعنى هنا أقوى وأروع وأبعد مدى.
وجملة (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ) في [الآية : ١٢] قد توهم أنها في صدد معاهدين لم يكونوا نكثوا حينما نزلت الآيات. غير أن فحوى آيات السياق وروحها يلهمان بقوة أنها في صدد موضوع الكلام السابق من المعاهدين. بل إن نظم الآية قد يفيد ذلك حيث عطفت على ما قبلها والضمير فيها راجع إلى الذين هم موضوع الكلام السابق.
وجملة (وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ) في الآية تجعل الطعن في الدين الإسلامي من أسباب قتال المسلمين للمشركين والكفار ومبرراته. وهذا حقّ لا ريب فيه. لأن الطعن يؤدي إلى الصدّ عنه. وبالتالي إنه عدوان على الدين وأهله وحرية الدعوة إليه.
وجملة (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) قد تكون في صدد جميع المشركين