النبي صلىاللهعليهوسلم حديث جاء فيه نعم المال الصالح للعبد الصالح. وحديث آخر أنه لما نزلت الآية كبر ذلك على أصحاب رسول الله وقالوا ما يستطيع أحد منا أن يدع لولده شيئا فذكر عمر ذلك لرسول الله وقال له إن هذه الآية قد كبرت على أصحابك يا رسول الله فقال صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيّب بها ما بقي من أموالكم وإنما فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم. فكبّر عمر. فقال له رسول الله ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سرّته. وإذا أمرها أطاعته. وإذا غاب عنها حفظته».
فهذه الأحاديث تفيد كما هو واضح أنه لا حرج من حيازة المال ولو كثر إذا أديت زكاته وأن الإنذار هو للذين لا يؤدون زكاة أموالهم. وأن معنى (وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) لا يؤدون الزكاة عنها التي جعلت للإنفاق على سبيل الله. ولقد روى المفسرون (١) في سياق تفسير الآية أحاديث نبوية رهيبة الإنذار للذين لا يؤدون زكاة أموالهم منها حديث رواه أبو هريرة جاء فيه : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثّل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوّقه يوم القيامة فيأخذ بلهزميه ـ أي شدقيه ـ ثم يقول أنا مالك. أنا كنزك» (٢). ومنها حديث آخر عن أبي هريرة أيضا جاء فيه : «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدّي منها حقّها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنّم فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره. كلّ ما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إمّا إلى الجنة وإمّا إلى النار. قيل يا رسول الله فالإبل؟ قال ولا صاحب إبل لا يؤدّي منها حقّها ، ومن حقّها حلبها يوم وردها إلّا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضّه بأفواهها كلّما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إمّا
__________________
(١) انظر تفسير الطبري والبغوي وابن كثير والخازن والقاسمي. ومعظم ما نورده من نصوص وارد في تفسير الطبري.
(٢) روى هذا الحديث البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. انظر التاج ج ٢ ص ٧.