إلى الجنة وإمّا إلى النار. قيل : يا رسول الله فالبقر والغنم. قال ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدّي منها حقّها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلّ ما مرّ عليه أولاها ردّ عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إمّا إلى الجنة وإمّا إلى النار» (١). حيث يبدو من هذه الأحاديث الاهتمام العظيم الذي كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوليه لإيتاء الزكاة اتساقا مع القرآن الذي يوليها مثل ذلك بكثرة ترديدها والتوكيد على إيتائها والتنويه بفاعليها واعتبارها دليلا لا بدّ منه على صدق إيمان المسلم. ولا غرو فهي دعامة التضامن الاجتماعي والسلطان الإسلامي في آن واحد على ما شرحناه في المناسبات العديدة السابقة.
وإلى جانب الأحاديث الواردة في معنى الكنز وإباحة الاكتناز إذا أديت زكاته روى المفسرون أحاديث فيها تحديد للحدّ الأعلى الذي يكون ما فوقه كنز يحق على صاحبه الإنذار وفيها ذم لاكتناز المال والذهب والفضة إطلاقا. فقد روي عن علي بن أبي طالب قوله إن الكنز ما زاد على أربعة آلاف درهم سواء أديت زكاته أم لم تؤد وما دون ذلك نفقة لا حرج في حيازته. وأورد ابن كثير حديثا رواه الإمام أحمد عن عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب جاء فيه : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تبّا للذهب ، تبّا للفضة ثلاث مرات. فشقّ ذلك على أصحاب رسول الله فقالوا فأي مال نتخذ فقال عمر أنا أعلم لكم ذلك ثم أتى رسول الله فقال يا رسول الله إن أصحابك قد شقّ عليهم. قالوا أي المال نتخذ فقال رسول الله : لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة صالحة تعين أحدكم على دينه» (٢).
والحديث قد يفيد أن أصحاب رسول الله فهموا أن المذموم هو نوع المال أي
__________________
(١) روى هذا الحديث البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. انظر التاج ج ٢ ص ٦ ـ ٧.
(٢) روى الترمذي هذا الحديث بهذه الصيغة «لما نزلت الآية قال بعض أصحاب رسول الله يا رسول الله أنزل في الذهب والفضة ما أنزل لو علمنا أي المال خير فنتخذه فقال أفضله لسان ذاكر وقلب شاكر وزوجة مؤمنة تعينه على إيمانه» انظر التاج ج ٤ ص ١١٦.