الخويصرة التميمي فقال : اعدل يا رسول الله. فقال : ويلك ومن يعدل إن لم أعدل. فقال عمر بن الخطاب ائذن لي فأضرب عنقه ، فقال دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. فينظر في قدحه فلا ينظر شيئا ثم ينظر في نصله فلا يجد شيئا ثم ينظر في رصافه فلا يجد شيئا قد سبق الفرث الدم آيتهم رجل أسود إحدى يديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة. يخرجون على حين فترة من الناس. قال أبو سعيد : أشهد أني سمعت هذا من رسول الله وأشهد أن عليا حين قتلهم ـ يعني الخوارج ـ جيء بالرجل على النعت الذي نعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (١). وروى الطبري أيضا أن رجلا من أهل البادية حديث عهد بالإسلام أتى نبي الله صلىاللهعليهوسلم وهو يقسم ذهبا وفضة فقال يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل ما عدلت. فقال له ويلك فمن ذا يعدل؟ ثم قال احذروا هذا وأشباهه. فإن في أمتي أشباه هذا. يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم. وكان النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : والذي نفسي بيده ما أعطيكم شيئا ولا أمنعكموه إنما أنا خازن. وروي أيضا أن النبي صلىاللهعليهوسلم أتى بصدقة فقسمها هاهنا وهاهنا حتى ذهبت ورآه رجل من الأنصار فقال ما هذا بالعدل فنزلت الآية. وننبه على أن الطبري لم يذكر أن الآية نزلت إلا في مناسبة الرواية الأخيرة دون الروايتين السابقتين وكذلك البخاري فإنه لم يذكر في حديثه أن الرواية التي تضمنها الحديث كانت سبب نزول الآية (٢).
وذو الخويصرة هو حرقوص بن زهير الذي يذكر شراح الأحاديث أنه المعني في الحديث الأول كان على رأس الجماعات التي خرجت من البصرة إلى المدينة واشتركت في الفتنة التي أدت إلى قتل عثمان رضي الله عنه. وبايع عليا رضي الله
__________________
(١) روى هذا الحديث الشيخان والترمذي أيضا. انظر التاج ج ٥ ص ٢٨٤ و ٢٨٥.
(٢) هناك حديثان آخران من باب هذه الأحاديث يرويهما الشيخان والترمذي عن أبي سعيد وفيهما بعض الزيادات (انظر التاج ج ٥ ص ٢٨٣ و ٢٨٤). ولم يذكر في سياقهما أيضا أنهما في صدد نزول الآية. فلم نر إيرادهما ضرورة اكتفاء بما أوردناه.