عنه وكان في جيشه مع قومه وحارب معه في وقعة الجمل التي كانت بينه وبين الجموع التي تجمعت حول عائشة والزبير وطلحة رضي الله عنهم للمطالبة بدم عثمان والثأر من قاتليه ثم في وقعة صفين بين علي ومعاوية رضي الله عنهما. ثم كان من الذين خرجوا على عليّ لقبوله التحكيم وقتل في من قتل في وقعة النهروان التي كانت بين علي وأتباعه وبين الخوارج (١). ولقد روى الطبري أن عليّ بن أبي طالب قال لأتباعه حين انتهت وقعة النهروان إنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : إن قوما يخرجون من الإسلام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية علامتهم رجل مخدج اليد ، وأمر أتباعه أن يلتمسوه بين القتلى وأن يقطعوا يده ويأتوه بها إذا وجدوه. وقد وجدوا فعلا رجلا مخدج اليد بين القتلى فقطعوا يده وأتوه بها فلما رآها قال ما كذبت ولا كذبت (٢).
والمشهور أن الخوارج كانوا من أشد المسلمين تعبدا بالصلاة والصيام وقراءة القرآن وتقشفا في الحياة حيث ينطبق كل ذلك على الوصف الذي احتوته الأحاديث. وإذا صح حديث عليّ الذي يرويه الطبري فيكون فيه ، وعلى ضوء الأحاديث الأخرى فيكون فيها معجزة نبوية بإخبار النبي صلىاللهعليهوسلم بغيب وقع بعد موته.
هذا مع التنبيه إلى أن قولنا يصح إذا كانت الوقائع المماثلة أكثر من واحدة. لأن الأشخاص المحكية عنهم متنوعون كما هو واضح من الأحاديث ومع التنبيه كذلك إلى أن روح الآية الثانية قد تلهم أن الذي صدر منه القول أو أحد من صدر منهم القول ـ إذا كانت الوقائع متعددة ـ من منافقي المدينة. وهذا ما ينطبق على الرواية الأخيرة. والله أعلم.
ومهما يكن من أمر فالذي يتبادر لنا من عطف الآيات على سابقتها. ومن ضمير الجمع الغائب الذي يعبر عن فريق كان موضوع الحديث في الآيات السابقة أن الآيات لم تنزل لمناسبة من المناسبات المروية لحدتها وأنها ليست منفصلة عن
__________________
(١) انظر تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٧٦ وما بعدها وج ٤ ص ٥٢ ـ ٦٥ وننبه على أن الطبري يسميه حرقوص بن زهير السعدي ولا ندري هل هو التميمي أم غيره.
(٢) المصدر نفسه ج ٤ ص ٦٨ ، ٦٩.