الشريعة الإسلامية للشمول والخلود. وهذه السورة من أواخر ما نزل من القرآن على ما نبهنا عليه في مقدمتها. ويتبادر لنا أن حكمة التنزيل قد شاءت بذكر المؤمنات بهذا الأسلوب القوي في آخر سور القرآن توكيد توطيد مركز المرأة وشخصيتها في المجتمع الإسلامي سياسيا واجتماعيا على قدم المساواة مع الرجل ليكون هذا الأمر محكما وحاسما. وفي هذا ما فيه من روعة وجلال.
ولقد أورد المفسرون في سياق هاتين الآيتين أحاديث نبوية عديدة في وصف الجنة والمساكن الطيبة ورضوان الله ، وفي بعضها حثّ على الأعمال الصالحة وترغيب فيها. من ذلك حديث رواه ابن ماجه عن أسامة بن زيد قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ألا هل مشمّر إلى الجنة. فإنّ الجنة لا حظر لها ، هي وربّ الكعبة نور يتلألأ. وريحانة تهتزّ. وقصر مشيد ونهر مطرد. وثمرة نضيجة. وزوجة حسناء جميلة. وحلل كثيرة. ومقام في أبد في دار سليمة وفاكهة وخضرة. وحبرة ونعمة. في محلة عالية بهية. قالوا : نعم يا رسول الله نحن المشمّرون لها. قال : قولوا إن شاء الله. فقال القوم إن شاء الله» (١). ومنها حديث رواه الترمذي عن علي رضي الله عنه قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنّ في الجنة لغرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها. فقام أعرابي فقال : يا رسول الله لمن هي؟ فقال : لمن طيّب الكلام وأطعم الطعام. وأدام الصيام. وصلى بالليل والناس نيام» (٢).
ومنها حديث رواه الشيخان والترمذي عن أبي سعيد قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن الله تعالى يقول لأهل الجنة. يا أهل الجنة. فيقولون لبيك ربّنا وسعديك والخير في يديك. فيقول هل رضيتم؟ فيقولون وما لنا لا نرضى يا ربّ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك. فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون يا ربّ وأيّ شيء أفضل من ذلك فيقول أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا» (٣). ومنها حديث رواه الشيخان والترمذي أيضا عن عبد الله بن قيس قال :
__________________
(١) من تفسير ابن كثير في سياق الآيات.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) من ابن كثير وقد ورد نصّه في التاج ج ٥ ص ٣٨٤.