«قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما. وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما. وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربّهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن» (١). ومنها حديث عن أبي هريرة رواه الإمام أحمد قال : «قلنا يا رسول الله حدّثنا عن الجنة ما بناؤها قال لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك. وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت. وترابها الزعفران. من يدخلها ينعم لا ييأس. ويخلد لا يموت ولا تبلى ثيابه. ولا يفنى شبابه» (٢).
وليست هذه الأحاديث كل ما ورد في هذا الباب فهناك أحاديث كثيرة من بابها أوردها المفسرون أو وردت في كتب الحديث فاكتفينا بما أوردناه. ونكرر هنا ما قلناه في مناسبات سابقة مماثلة من أن الإيمان بما جاء في القرآن وثبت عن رسول الله من المشاهد الأخروية ونعيمها واجب. وأنه في نطاق قدرة الله وأنه لا بدّ من حكمة من ذكره بالأسلوب الذي ورد به. وفحوى الآيات والأحاديث يلهم أن من تلك الحكمة التبشير والتطمين ، والترغيب والحثّ على صالح الأعمال ابتغاء رضا الله ورضوانه.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣)) [٧٣]
عبارة الآية واضحة. ولم يرو المفسرون رواية خاصة في صددها. والمتبادر أنها بمثابة وصل بين أجزاء وموضوع السلسلة بعد الآيتين السابقتين اللتين جاءتا للاستطراد والمقابلة.
والمتبادر كذلك أن هدف الآية المباشر هو تلقين الموقف الذي يجب أن يقفه النبي صلىاللهعليهوسلم من المنافقين بعد سرد مواقفهم ومكائدهم وأخلاقهم ولا سيما أن
__________________
(١) من ابن كثير وقد ورد نصّه في التاج ج ٥ ص ٣٨٣.
(٢) من ابن كثير ، وهناك أحاديث عديدة أخرى فاكتفينا بما أوردناه. انظر تفسير الطبري وانظر التاج ج ٥ ص ٣٦٤ وما بعدها.