الخنزير. فيكون هذا التحريم هو الضابط القرآني في صدد طعام غير أهل الكتاب. وهو قول سديد مع إضافة كون القرآن حرّم الخمر ويستتبع ذلك الطعام الذي يصنع به وأن هناك أحاديث حرّمت أكل حيوانات أخرى غير الخنزير أيضا. وعلى ضوء ذلك يصحّ أن يقال إن المشركين والوثنيين لو قدموا للمسلمين طعاما بدون لحم وخمر من خبز وتمر وحبوب وخضروات وفواكه وعسل وزيت وبيض جاز لهم أكله.
٨ ـ ونقول استطرادا إنه ليس في القرآن كما إنه ليس في السنّة فيما اطلعنا عليه تحريم على المسلمين إطعام غير المسلمين من غير الكتابيين من طعامهم ، والحكمة الملموحة في النّص على تبادل الطعام بين المسلمين والكتابيين هي التأنيس وقصد حسن التواصل والتعايش بين الذين تجمعهم في العقيدة والمبادئ مصدر واحد وهو الله تعالى. ويبقى إطعام المسلمين لغير المسلمين من غير الكتابيين مباحا أيضا على اعتبار أن الأصل هو الإباحة والإطلاق ما لم يرد نصّ.
لقد أباح القرآن للمسلمين أن يأكلوا من الأطعمة المحرمة إذا ما اضطروا على شرط الالتزام بقدر الضرورة وعدم تجاوزها وهذه الرخصة في نطاقها واردة بالنسبة لما يقدمه أهل الكتاب وغيرهم أو يضعونه من طعام ولو كان في أصله حرام على المسلمين بطبيعة الحال.
وثانيا : في موضوع التزوج بالكتابيات في كتب التفسير أقوال عديدة في صدد الآية ومداها. ومعظمها وارد في الطبري نوجزها ونعلّق عليها بما يلي :
١ ـ هناك خلاف بين المؤولين في المقصود بكلمة (وَالْمُحْصَناتُ) حيث قال بعضهم إنهن الحرائر وبعضهم بأنهن العفيفات. وأصحاب القول الأول لا يفرقون بين العفيفات وغير العفيفات وإنما يخرجون الإماء. وأصحاب القول الثاني لا يفرقون بين الحرائر والإماء وإنما يخرجون العفيفات.
والكلمة تتحمل من حيث الاستعمال القرآني المعنيين. وقد جاء المعنيان في الآية [٢٥] من سورة النساء هذه (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ