الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) حيث عنت كلمة (وَالْمُحْصَناتُ) الأولى (الحرائر) والثانية (العفيفات). والكلمة تعني معنى ثالثا وهو (المتزوجات) وقد ورد هذا في الآية [٢٤] من سورة النساء (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) وهذا المعنى غير وارد هنا لأن ورود الكلمة في آية النساء [٢٤] هذه كان على سبيل تحريم التزوج بالمتزوجات وهو حكم محكم.
ولقد قال الطبري بعد ما أورده من الأقوال «إن أولى الأقوال بالصواب أن كلمة (وَالْمُحْصَناتُ) تعني الحرائر سواء أكنّ عفيفات أم فاجرات. وأن الله جلّ ثناؤه شرط نكاح الإماء بالإيمان وأنه قد أحلّ لنا حرائر المؤمنات وإن أتين بفاحشة لقوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ) فيكون قد أحلّ لنا حرائر أهل الكتاب وإن كنّ أتين بفاحشة.
ويتبادر لنا أن ترجيحه لكون كلمة (وَالْمُحْصَناتُ) عنت الحرائر دون الإماء هو الأوجه لأن الآية تضمنت أن يكون التزوج بالكتابيات بمهر وعقد. وهو ما يتوقع بالنسبة للحرائر دون الإماء. ويبقى بذلك قيد (الْمُؤْمِناتِ) لمن يراد التزوج بهن من الإماء الوارد في آية سورة النساء [٢٥] محكما والله تعالى أعلم.
٢ ـ ويقيّد الطبري الزواج بالكتابيات اللاتي أتين بفاحشة بتوبتهن ويقيس ذلك على جواز الزواج بالمؤمنات اللاتي يأتين بفاحشة إذا تبن. ويسوق بعض الأحاديث الصحابية في ذلك. وقد أوردنا هذه الأحاديث في سياق تفسير الآية الثالثة من سورة النور وعلقنا عليها وذكرنا ما هناك من خلاف في هذا الموضوع ورجحنا ما ذهب إليه الجمهور من جواز التزوج بالزانية إذا تابت. ونقول هنا إن كلام الطبري وقياسه صواب وسديد. والله تعالى أعلم.