وقد أورد الطبري وغيره من المفسرين هذا الحديث كسبب لنزول آية سورة النساء [٤٣] التي فيها رخصة التيمم. وقد روى البخاري حديثا عن عائشة في صدد هذه الآية جاء فيه «هلكت قلادة لأسماء فبعث النبي صلىاللهعليهوسلم في طلبها رجالا فحضرت الصلاة وليسوا على وضوء ولم يجدوا ماء فصلّوا على غير وضوء فأنزل الله تعالى آية التيمّم» (١).
والحادث متشابه في الحديثين مما قد يسوغ القول إنه واحد وإن من المستبعد أن تكون الآيتان نزلتا فيه مع بعد ما بين نزولهما.
وحديث سعد بن أبي وقاص لم يرد في كتب الصحاح وليس فيه على احتمال صحته قرينة على أن الآية نزلت بسبب ما ذكر فيه. وكل ما يمكن أن يفيده أن النبي صلىاللهعليهوسلم ظلّ على عادته بعدم ردّ السلام على أصحابه وهو على غير وضوء إلى أن نزلت الآية.
ولما كان من المتفق عليه أن النبي صلىاللهعليهوسلم والمسلمين كانوا يتوضأون للصلاة في مكة واستمروا على ذلك في المدينة على ما شرحناه وأوردنا الآثار الواردة في صدده في سياق آية النساء المذكورة. ولما كان من الأرجح أن يكون الحادث المذكور في حديث عائشة قد وقع في ظروف نزول آية النساء على ما ذكرناه أيضا في سياق تفسيرها وشرحها. ولا سيما أن الطبري والبغوي وهما من أقدم المفسرين الذين وصل إلينا كتب تفسيرهم لم يورداه ولم يوردا رواية ما من بابه في سياق آية المائدة التي نحن في صددها. ثم لما كان من الملحوظ أن هذه الآية وحدة تامة منسجمة. فالذي يتبادر لنا أن فريقا من المسلمين أخذوا يتهاونون في أمر الوضوء والطهارة أو في أشكالهما وأركانهما أو لا يرون ذلك واجبا فاقتضت حكمة التنزيل تنزيل الآية للتوكيد ولبيان الأشكال والأركان مع ذكر رخصة التيمم لإتمام الموضوع.
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٨٢.