من هتاف وتذكير وتنبيه مستمر المدى شاملا لكل ما أمر الله به ورسمه ونهى عنه.
ولقد قلنا إن الآثار تؤيد أن الوضوء كان ممارسا منذ وقت مبكر من العهد المكي. وفي نزول الآية الأولى متأخرة مع ممارسة الوضوء قبلها بمدة طويلة مشهد من المشاهد الكثيرة التي احتوت ممارسة النبي صلىاللهعليهوسلم وتشريعاته لفروض وأمور وأعمال دينية وسياسية واجتماعية وحربية بدون وحي قرآني ثم ينزل الوحي القرآني مؤيدا لتلك الممارسة والتشريعات والأعمال.
ولقد تعددت الأقوال التي يرويها الطبري وغيره عن أهل التأويل في مدى جملة (وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) منها أنه الميثاق الذي أخذه الله من بني آدم على ما جاء في آية سورة الأعراف [١٦٩] ومنها أنها البيعة التي روي أن النبي أخذها من وفد الأوس والخزرج قبيل هجرته. والتي تمّت الهجرة بناء عليها والتي روي أن صيغتها هي صيغة آية الممتحنة هذه مع التذكير (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)) ومنها ما عناه الحديث الذي رواه الشيخان والنسائي عن عبادة بن الصامت الذي جاء فيه «بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى ألا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول الحقّ أينما كنّا لا نخاف في الله لومة لائم. وفي رواية وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان» ومنها أنه ما اعتبر ميثاقا مأخوذا من كل مسلم على السمع والطاعة حين يعلن إسلامه وإيمانه وينضوي إلى الدين الإسلامي. ونحن نطمئن بالقول الأخير لأنه متساوق مع فحوى الآية التي شمل الهتاف بها لكل أمر ولكل مؤمن ولكل زمن. والله تعالى أعلم.
ولقد أورد المفسرون في سياق الآية الأولى أحاديث نبوية بفضل الوضوء منها ما ورد في الكتب الخمسة منها حديث رواه الخمسة إلا أبا داود عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال «إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّا محجّلين من آثار الوضوء. فمن