بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠)) وهذه (وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٠١)) وآيات آل عمران (وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (٦٩) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١)) وفي آيات سورة آل عمران [٩٣ و ٩٤] شاهد قوي حاسم.
ولقد اتهم القرآن الذين لم يؤمنوا من أهل الكتاب بتحريف ما عندهم من كتب لنفس الدافع على ما جاء في آيات عديدة منها آيات البقرة هذه (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦)) ومنها آية سورة النساء هذه (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [٤٦] وآية سورة المائدة [١٤] التي مرت قبل قليل. فجاءت هذه الجملة لتدمغهم بالإضافة إلى ذلك بإخفاء كثير مما عندهم وإنكاره أيضا لنفس الدافع. ولقد كان إيمان الذين آمنوا منهم فاضحا لهم في العملين معا ومصداقا لما قرره القرآن من ذلك بطبيعة الحال.
وقد يكون في هذا وذاك من ناحية ما تأييد لما فتئنا ننبه عليه من أن ما جاء في القرآن من تقريرات إيمانية وقصص متصلة بتاريخ وعقائد أهل الكتاب ولم يرد في أسفار أهل الكتاب المتداولة اليوم هو من جملة ما كان في أيديهم وما كانوا يخفونه أو يحرفونه بسبيل الإنكار والمكابرة. وقد ظلّ هذا دأب الذين لم يؤمنوا بعد النبي صلىاللهعليهوسلم. ثم عدت عليه العوادي أو أبيد نتيجة لذلك فلم يصل إلى زمننا. وفي أسفار العهد القديم المتداولة اليوم دلائل عديدة على أنه كان هناك أسفار